للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَاهُ، فَقَالَ: أَيُّكُمَا قَتَلَهُ؟ فَقَالَ كُلٌّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا قَتَلْتُهُ، فَقَالَ: هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا؟ قَالَا: لَا، فَنَظَرَ إِلَى السَّيْفَيْنِ فَقَالَ: كِلَاكُمَا قَتَلَهُ، وَسَلَبُهُ لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ» ) ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كَوْنَ السَّلَبِ لِلْقَاتِلِ أَمْرٌ مُقَرَّرٌ مَعْلُومٌ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ، وَإِنَّمَا تَجَدَّدَ يَوْمَ حُنَيْنٍ الْإِعْلَامُ الْعَامُّ، وَالْمُنَادَاةُ بِهِ لَا شَرْعِيَّتُهُ.

وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ: إِنَّ أبا بكر وعمر لَمْ يَفْعَلَاهُ، فَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا شَهَادَةٌ عَلَى النَّفْيِ فَلَا تُسْمَعُ، الثَّانِي: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَرْكُ الْمُنَادَاةِ بِذَلِكَ عَلَى عَهْدِهِمَا اكْتِفَاءً بِمَا تَقَرَّرَ، وَثَبَتَ مِنْ حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَضَائِهِ، وَحَتَّى لَوْ صَحَّ عَنْهُمَا تَرْكُ ذَلِكَ تَرْكًا صَحِيحًا لَا احْتِمَالَ فِيهِ لَمْ يُقَدَّمْ عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعْطِ غَيْرَ الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ سَلَبَ قَتِيلِهِ، فَقَدْ أَعْطَى السَّلَبَ لِسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، ولمعاذ بن عمرو، ولأبي طلحة الأنصاري، قَتَلَ عِشْرِينَ يَوْمَ حُنَيْنٍ فَأَخَذَ أَسْلَابَهُمْ، وَهَذِهِ كُلُّهَا وَقَائِعُ صَحِيحَةٌ مُعْظَمُهَا فِي الصَّحِيحِ، فَالشَّهَادَةُ عَلَى النَّفْيِ لَا تَكَادُ تَسْلَمُ مِنَ النَّقْضِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: " وَخَمَّسَهُ " فَهَذَا لَمْ يُحْفَظْ بِهِ أَثَرٌ الْبَتَّةَ، بَلِ الْمَحْفُوظُ خِلَافُهُ، فَفِي " سُنَنِ أبي داود ": عَنْ خالد ( «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُخَمِّسِ السَّلَبَ» ) .

وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: ٤١] فَهَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>