للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا إِذَا اشْتَرَطَ السَّلَامَةَ أَوْ شَرَطَ الْجَمَالَ فَبَانَتْ شَوْهَاءَ، أَوْ شَرَطَهَا شَابَّةً حَدِيثَةَ السِّنِّ فَبَانَتْ عَجُوزًا شَمْطَاءَ، أَوْ شَرَطَهَا بَيْضَاءَ فَبَانَتْ سَوْدَاءَ، أَوْ بِكْرًا فَبَانَتْ ثَيِّبًا؛ فَلَهُ الْفَسْخُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ.

فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ لَهَا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَلَهَا الْمَهْرُ وَهُوَ غُرْمٌ عَلَى وَلِيِّهَا إِنْ كَانَ غَرَّهُ، وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْغَارَّةُ سَقَطَ مَهْرُهَا أَوْ رَجَعَ عَلَيْهَا بِهِ إِنْ كَانَتْ قَبَضَتْهُ، وَنَصَّ عَلَى هَذَا أحمد فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَهُوَ أَقْيَسُهُمَا وَأَوْلَاهُمَا بِأُصُولِهِ فِيمَا إِذَا كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الْمُشْتَرِطُ.

وَقَالَ أَصْحَابُهُ: إِذَا شَرَطَتْ فِيهِ صِفَةً فَبَانَ بِخِلَافِهَا فَلَا خِيَارَ لَهَا إِلَّا فِي شَرْطِ الْحُرِّيَّةِ إِذَا بَانَ عَبْدًا، فَلَهَا الْخِيَارُ. وَفِي شَرْطِ النَّسَبِ إِذَا بَانَ بِخِلَافِهِ وَجْهَانِ، وَالَّذِي يَقْتَضِيهِ مَذْهَبُهُ وَقَوَاعِدُهُ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ اشْتِرَاطِهِ وَاشْتِرَاطِهَا، بَلْ إِثْبَاتُ الْخِيَارِ لَهَا إِذَا فَاتَ مَا اشْتَرَطَتْهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَمَكَّنُ مِنَ الْمُفَارَقَةِ بِالطَّلَاقِ، فَإِذَا جَازَ لَهُ الْفَسْخُ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنَ الْفِرَاقِ بِغَيْرِهِ، فَلَأَنْ يَجُوزَ لَهَا الْفَسْخُ مَعَ عَدَمِ تَمَكُّنِهَا أَوْلَى، وَإِذَا جَازَ لَهَا الْفَسْخُ إِذَا ظَهَرَ الزَّوْجُ ذَا صِنَاعَةٍ دَنِيئَةٍ لَا تَشِينُهُ فِي دِينِهِ وَلَا فِي عِرْضِهِ، وَإِنَّمَا تَمْنَعُ كَمَالَ لَذَّتِهَا وَاسْتِمْتَاعِهَا بِهِ، فَإِذَا شَرَطَتْهُ شَابًّا جَمِيلًا صَحِيحًا، فَبَانَ شَيْخًا مُشَوَّهًا أَعْمَى أَطْرَشَ أَخْرَسَ أَسْوَدَ، فَكَيْفَ تُلْزَمُ بِهِ وَتُمْنَعُ مِنَ الْفَسْخِ؟! هَذَا فِي غَايَةِ الِامْتِنَاعِ وَالتَّنَاقُضِ وَالْبُعْدِ عَنِ الْقِيَاسِ وَقَوَاعِدِ الشَّرْعِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

وَكَيْفَ يُمَكَّنُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مِنَ الْفَسْخِ بِقَدْرِ الْعَدَسَةِ مِنَ الْبَرَصِ، وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ بِالْجَرَبِ الْمُسْتَحْكِمِ الْمُتَمَكِّنِ، وَهُوَ أَشَدُّ إِعْدَاءً مِنْ ذَلِكَ الْبَرَصِ الْيَسِيرِ، وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ مِنْ أَنْوَاعِ الدَّاءِ الْعُضَالِ؟ .

وَإِذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ عَلَى الْبَائِعِ كِتْمَانَ عَيْبِ سِلْعَتِهِ، وَحَرَّمَ عَلَى مَنْ عَلِمَهُ أَنْ يَكْتُمَهُ مِنَ الْمُشْتَرِي فَكَيْفَ بِالْعُيُوبِ فِي النِّكَاحِ، وَقَدْ «قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لفاطمة بنت قيس حِينَ اسْتَشَارَتْهُ فِي نِكَاحِ معاوية أَوْ أبي الجهم: (أَمَّا معاوية

<<  <  ج: ص:  >  >>