للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَيْضًا فَإِنَّهُ جَعَلَ الْحُكْمَ إِلَيْهِمَا فَقَالَ: {إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: ٣٥] وَالْوَكِيلَانِ لَا إِرَادَةَ لَهُمَا إِنَّمَا يَتَصَرَّفَانِ بِإِرَادَةِ مُوَكِّلَيْهِمَا.

وَأَيْضًا فَإِنَّ الْوَكِيلَ لَا يُسَمَّى حَكَمًا فِي لُغَةِ الْقُرْآنِ، وَلَا فِي لِسَانِ الشَّارِعِ وَلَا فِي الْعُرْفِ الْعَامِّ وَلَا الْخَاصِّ.

وَأَيْضًا فَالْحَكَمُ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْحُكْمِ وَالْإِلْزَامُ وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ.

وَأَيْضًا فَإِنَّ الْحَكَمَ أَبْلَغُ مِنْ حَاكِمٍ؛ لِأَنَّهُ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ بِاسْمِ الْفَاعِلِ دَالَّةٌ عَلَى الثُّبُوتِ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ فِي ذَلِكَ، فَإِذَا كَانَ اسْمُ الْحَاكِمِ لَا يَصْدُقُ عَلَى الْوَكِيلِ الْمَحْضِ فَكَيْفَ بِمَا هُوَ أَبْلَغُ مِنْهُ.

وَأَيْضًا فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ خَاطَبَ بِذَلِكَ غَيْرَ الزَّوْجَيْنِ، وَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَ عَنِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ غَيْرَهُمَا، وَهَذَا يُحْوِجُ إِلَى تَقْدِيرِ الْآيَةِ هَكَذَا: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا} [النساء: ٣٥] فَمُرُوهُمَا أَنْ يُوَكِّلَا وَكِيلَيْنِ: وَكِيلًا مِنْ أَهْلِهِ وَوَكِيلًا مِنْ أَهْلِهَا، وَمَعْلُومٌ بُعْدُ لَفْظِ الْآيَةِ وَمَعْنَاهَا عَنْ هَذَا التَّقْدِيرِ، وَأَنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَيْهِ بِوَجْهٍ، بَلْ هِيَ دَالَّةٌ عَلَى خِلَافِهِ وَهَذَا بِحَمْدِ اللَّهِ وَاضِحٌ.

(وَبَعَثَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ ومعاوية حَكَمَيْنِ بَيْنَ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَامْرَأَتِهِ فاطمة بنت عتبة بن ربيعة فَقِيلَ لَهُمَا: إِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُفَرِّقَا فَرَّقْتُمَا) .

وَصَحَّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ لِلْحَكَمَيْنِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ عَلَيْكُمَا (إِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُفَرِّقَا فَرَّقْتُمَا وَإِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تَجْمَعَا جَمَعْتُمَا)

<<  <  ج: ص:  >  >>