للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَبَاحٍ، كِلَاهُمَا عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، يَرْفَعُهُ: ( «لَا طَلَاقَ قَبْلَ نِكَاحٍ» ) .

وَذَكَرَ عبد الرزاق، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عطاء يَقُولُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (لَا طَلَاقَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ نِكَاحٍ) .

قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: بَلَغَ ابْنَ عَبَّاسٍ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: (إِنْ طَلَّقَ مَا لَمْ يَنْكِحْ فَهُوَ جَائِزٌ) ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: (أَخْطَأَ فِي هَذَا، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} [الأحزاب: ٤٩] ) [الْأَحْزَابِ: ٤٩] ، وَلَمْ يَقُلْ: إِذَا طَلَّقْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ نَكَحْتُمُوهُنَّ.

وَذَكَرَ أبو عبيد: عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ: إِنْ تَزَوَّجْتُ فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ، فَقَالَ علي: (لَيْسَ طَلَاقٌ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مِلْكٍ) .

وَثَبَتَ عَنْهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: (لَا طَلَاقَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ نِكَاحٍ وَإِنْ سَمَّاهَا) ، وَهَذَا قَوْلُ عائشة، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ، وأحمد، وإسحاق، وَأَصْحَابُهُمْ، وداود وَأَصْحَابُهُ، وَجُمْهُورُ أَهْلِ الْحَدِيثِ.

وَمِنْ حُجَّةِ هَذَا الْقَوْلِ: أَنَّ الْقَائِلَ: إِنْ تَزَوَّجْتُ فُلَانَةَ، فَهِيَ طَالِقٌ مُطَلِّقٌ لِأَجْنَبِيَّةٍ، وَذَلِكَ مُحَالٌ، فَإِنَّهَا حِينَ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ أَجْنَبِيَّةٌ، وَالْمُتَجَدِّدُ هُوَ نِكَاحُهَا، وَالنِّكَاحُ لَا يَكُونُ طَلَاقًا، فَعُلِمَ أَنَّهَا لَوْ طَلَقَتْ، فَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ اسْتِنَادًا إِلَى الطَّلَاقِ الْمُتَقَدِّمِ مُعَلَّقًا، وَهِيَ إِذْ ذَاكَ أَجْنَبِيَّةٌ، وَتَجَدُّدُ الصِّفَةِ لَا يَجْعَلُهُ مُتَكَلِّمًا بِالطَّلَاقِ عِنْدَ وُجُودِهَا، فَإِنَّهُ عِنْدَ وُجُودِهَا مُخْتَارٌ لِلنِّكَاحِ غَيْرُ مُرِيدٍ لِلطَّلَاقِ، فَلَا يَصِحُّ، كَمَا لَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>