للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَدَّهُ اسْتِبْعَادًا وَاعْتِقَادًا أَنَّهُ خِلَافُ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، وَنَحْنُ نَحْكِي كَلَامَ مَنْ رَدَّهُ، وَنُبَيِّنُ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَا يُوجِبُ الرَّدَّ.

قَالَ أبو داود: وَالْأَحَادِيثُ كُلُّهَا عَلَى خِلَافِ مَا قَالَ أبو الزبير.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: ونافع أَثْبَتُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ أبي الزبير، وَالْأَثْبَتُ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ أَوْلَى أَنْ يُقَالَ بِهِ إِذَا خَالَفَهُ.

وَقَالَ الخطابي: حَدِيثُ يونس بن جبير أَثْبَتُ مِنْ هَذَا، يَعْنِي قَوْلَهُ: ( «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا وَقَوْلَهُ: " أَرَأَيْتَ إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ قَالَ: فَمَهْ» ) .

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَهَذَا لَمْ يَنْقُلْهُ عَنْهُ أَحَدٌ غَيْرُ أبي الزبير، وَقَدْ رَوَاهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ أَجِلَّةٌ، فَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْهُمْ، وأبو الزبير لَيْسَ بِحُجَّةٍ فِيمَا خَالَفَهُ فِيهِ مِثْلُهُ، فَكَيْفَ بِخِلَافِ مَنْ هُوَ أَثْبَتُ مِنْهُ.

وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ: لَمْ يَرْوِ أبو الزبير حَدِيثًا أَنْكَرَ مِنْ هَذَا.

فَهَذَا جُمْلَةُ مَا رُدَّ بِهِ خَبَرُ أبي الزبير، وَهُوَ عِنْدَ التَّأَمَّلِ لَا يُوجِبُ رَدَّهُ وَلَا بُطْلَانَهُ.

[الرَّدُّ عَلَى مَنْ ضَعَّفَ حَدِيثَ أَبِي الزُّبَيْرِ]

أَمَّا قَوْلُ أبي داود الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا عَلَى خِلَافِهِ، فَلَيْسَ بِأَيْدِيكُمْ سِوَى تَقْلِيدِ أبي داود، وَأَنْتُمْ لَا تَرْضَوْنَ ذَلِكَ، وَتَزْعُمُونَ أَنَّ الْحُجَّةَ مِنْ جَانِبِكُمْ، فَدَعُوا التَّقْلِيدَ، وَأَخْبِرُونَا أَيْنَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مَا يُخَالِفُ حَدِيثَ أبي الزبير؟ فَهَلْ فِيهَا حَدِيثٌ وَاحِدٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احْتَسَبَ عَلَيْهِ تِلْكَ الطَّلْقَةَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَدَّ بِهَا، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ، فَنَعَمْ وَاللَّهِ هَذَا خِلَافٌ صَرِيحٌ لِحَدِيثِ أبي الزبير، وَلَا تَجِدُونَ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا، وَغَايَةُ مَا بِأَيْدِيكُمْ ( «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا» ) ، وَالرَّجْعَةُ تَسْتَلْزِمُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ.

(وَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، وَقَدْ سُئِلَ أَتَعْتَدُّ بِتِلْكَ التَّطْلِيقَةِ؟ فَقَالَ: " أَرَأَيْتَ إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ وَقَوْلُ نافع أَوْ مَنْ دُونَهُ: " فَحُسِبَتْ مِنْ طَلَاقِهَا) ، وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ حَرْفٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى وُقُوعِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>