للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هِيَ الصِّفَةُ الَّتِي اخْتَارَهَا أَبُو الْقَاسِمِ الْخِرَقِيُّ فِي " مُخْتَصَرِهِ "، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلصِّفَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فِي إِخْرَاجِ الْيُسْرَى مِنْ جَانِبِهِ الْأَيْمَنِ، وَفِي نَصْبِ الْيُمْنَى، وَلَعَلَّهُ كَانَ يَفْعَلُ هَذَا تَارَةً وَهَذَا تَارَةً، وَهَذَا أَظْهَرُ.

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنِ اخْتِلَافِ الرُّوَاةِ، وَلَمْ يُذْكَرْ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ هَذَا التَّوَرُّكُ إِلَّا فِي التَّشَهُّدِ الَّذِي يَلِيهِ السَّلَامُ.

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَمَنْ وَافَقَهُ: هَذَا مَخْصُوصٌ بِالصَّلَاةِ الَّتِي فِيهَا تَشَهُّدَانِ، وَهَذَا التَّوَرُّكُ فِيهَا جُعِلَ فَرْقًا بَيْنَ الْجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ الَّذِي يُسَنُّ تَخْفِيفُهُ، فَيَكُونُ الْجَالِسُ فِيهِ مُتَهَيِّئًا لِلْقِيَامِ، وَبَيْنَ الْجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدِ الثَّانِي الَّذِي يَكُونُ الْجَالِسُ فِيهِ مُطْمَئِنًّا.

وَأَيْضًا فَتَكُونُ هَيْئَةُ الْجُلُوسَيْنِ فَارِقَةً بَيْنَ التَّشَهُّدَيْنِ مُذَكِّرَةً لِلْمُصَلِّي حَالَهُ فِيهِمَا. وَأَيْضًا فَإِنَّ أبا حميد إِنَّمَا ذَكَرَ هَذِهِ الصِّفَةَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجِلْسَةِ الَّتِي فِي التَّشَهُّدِ الثَّانِي، فَإِنَّهُ ذَكَرَ صِفَةَ جُلُوسِهِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَأَنَّهُ ( «كَانَ يَجْلِسُ مُفْتَرِشًا ثُمَّ قَالَ: وَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ» ) وَفِي لَفْظٍ ( «فَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَةِ الرَّابِعَةِ» ) .

وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ: «حَتَّى إِذَا كَانَتِ الْجِلْسَةُ الَّتِي فِيهَا التَّسْلِيمُ أَخْرَجَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَجَلَسَ عَلَى شِقِّهِ مُتَوَرِّكًا» ، فَهَذَا قَدْ يَحْتَجُّ بِهِ مَنْ يَرَى التَّوَرُّكَ يُشْرَعُ فِي كُلِّ تَشَهُّدٍ يَلِيهِ السَّلَامُ، فَيَتَوَرَّكُ فِي الثَّانِيَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَلَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي الدَّلَالَةِ، بَلْ سِيَاقُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ فِي التَّشَهُّدِ الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>