للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرِهِ فِي اللِّعَانِ احْتِجَاجًا بِظَاهِرِ الْأَحَادِيثِ، حَيْثُ لَمْ يَنْقُلْ نَفْيَ الْحَمْلِ وَلَا تَعَرَّضَ لِنَفْيِهِ.

وَأَمَّا مَذْهَبُ أبي حنيفة رَحِمَهُ اللَّهُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ نَفْيُ الْحَمْلِ، وَاللِّعَانُ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَاعَنَهَا حَامِلًا ثُمَّ أَتَتْ بِالْوَلَدِ لَزِمَهُ عِنْدَهُ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ نَفْيِهِ أَصْلًا؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ لَا يَكُونُ إِلَّا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَهَذِهِ قَدْ بَانَتْ بِلِعَانِهَا فِي حَالِ حَمْلِهَا.

قَالَ الْمُنَازِعُونَ لَهُ: هَذَا فِيهِ إِلْزَامُهُ وَلَدًا لَيْسَ مِنْهُ، وَسَدُّ بَابِ الِانْتِفَاءِ مِنْ أَوْلَادِ الزِّنَى. وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ جَعَلَ لَهُ إِلَى ذَلِكَ طَرِيقًا، فَلَا يَجُوزُ سَدُّهَا، قَالُوا: وَإِنَّمَا تُعْتَبَرُ الزَّوْجِيَّةُ فِي الْحَالِ الَّتِي أَضَافَ الزِّنَى إِلَيْهَا فِيهَا؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ الَّذِي تَأْتِي بِهِ يَلْحَقُهُ إِذَا لَمْ يَنْفِهِ، فَيَحْتَاجُ إِلَى نَفْيِهِ، وَهَذِهِ كَانَتْ زَوْجَتَهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ فَمَلَكَ نَفْيَ وَلَدِهَا. وَقَالَ أبو يوسف ومحمد: لَهُ أَنْ يَنْفِيَ الْحَمْلَ مَا بَيْنَ الْوِلَادَةِ إِلَى تَمَامِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً مِنْهَا. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ: لَا يُلَاعِنُ لِنَفْيِ الْحَمْلِ إِلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ ثَانِيَةً بَعْدَ الْوِلَادَةِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا عَلِمَ بِالْحَمْلِ فَأَمْكَنَهُ الْحَاكِمُ مِنَ اللِّعَانِ فَلَمْ يُلَاعِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ بَعْدُ.

[مَسْأَلَةٌ فِيمَا لَوِ اسْتَلْحَقَ الْحَمْلَ وَقَذَفَهَا بالزِّنَى]

فَإِنْ قِيلَ: فَمَا تَقُولُونَ لَوِ اسْتَلْحَقَ الْحَمْلَ وَقَذَفَهَا بالزِّنَى فَقَالَ: هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي، وَقَدْ زَنَتْ، مَا حُكْمُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؟

قِيلَ: قَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ

أَحَدُهَا: أَنَّهُ يُحَدُّ وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ، وَلَا يُمَكَّنُ مِنَ اللِّعَانِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُلَاعِنُ وَيَنْتَفِي الْوَلَدُ.

وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ يُلَاعِنُ لِلْقَذْفِ وَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ. وَالثَّلَاثَةُ رِوَايَاتٌ عَنْ مالك، وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أحمد: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُ الْوَلَدِ كَمَا لَا يَصِحُّ نَفْيُهُ.

قَالَ أبو محمد: وَإِنِ اسْتَلْحَقَ الْحَمْلَ فَمَنْ قَالَ: لَا يَصِحُّ نَفْيُهُ قَالَ: لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أحمد. وَمَنْ أَجَازَ نَفْيَهُ قَالَ: يَصِحُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>