للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَاحِبُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ طَرَّدَ الْقِيَاسَ عَلَى كُلِّ مَنْ لَهُ ذَكَرٌ وَأُنْثَى فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُمَا وَارِثَانِ فَإِنَّ النَّفَقَةَ عَلَيْهِمَا، كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ أَخٌ وَأُخْتٌ أَوْ أُمٌّ وَجَدٌّ أَوِ ابْنٌ وَبِنْتٌ فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِمَا، فَكَذَلِكَ الْأَبُ وَالْأُمُّ.

وَالصَّحِيحُ: انْفِرَادُ الْعَصَبَةِ بِالنَّفَقَةِ، وَهَذَا كُلُّهُ كَمَا يَنْفَرِدُ الْأَبُ دُونَ الْأُمِّ بِالْإِنْفَاقِ، وَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى قَوَاعِدِ الشَّرْعِ، فَإِنَّ الْعَصَبَةَ تَنْفَرِدُ بِحَمْلِ الْعَقْلِ وَوِلَايَةِ النِّكَاحِ وَوِلَايَةِ الْمَوْتِ وَالْمِيرَاثِ بِالْوَلَاءِ، وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّهُ إِذَا اجْتَمَعَ أُمٌّ وَجَدٌّ أَوْ أَبٌ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْجَدِّ وَحْدَهُ، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنْ أحمد وَهِيَ الصَّحِيحَةُ فِي الدَّلِيلِ، وَكَذَلِكَ إِنِ اجْتَمَعَ ابْنٌ وَبِنْتٌ، أَوْ أُمٌّ وَابْنٌ، أَوْ بِنْتٌ وَابْنُ ابْنٍ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: النَّفَقَةُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ عَلَى الِابْنِ لِأَنَّهُ الْعَصَبَةُ، وَهِيَ إِحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنْ أحمد. وَالثَّانِيَةُ أَنَّهَا عَلَى قَدْرِ الْمِيرَاثِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ، وَقَالَ أبو حنيفة: النَّفَقَةُ فِي مَسْأَلَةِ الِابْنِ وَالْبِنْتِ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الْقُرْبِ، وَفِي مَسْأَلَةِ بِنْتٍ وَابْنِ ابْنٍ: النَّفَقَةُ عَلَى الْبِنْتِ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ، وَفِي مَسْأَلَةِ أُمٍّ وَبِنْتٍ عَلَى الْأُمِّ الرُّبُعُ وَالْبَاقِي عَلَى الْبِنْتِ، وَهُوَ قَوْلُ أحمد، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: تَنْفَرِدُ بِهَا الْبِنْتُ؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ عَصَبَةً مَعَ أَخِيهَا، وَالصَّحِيحُ: انْفِرَادُ الْعَصَبَةِ بِالْإِنْفَاقِ؛ لِأَنَّهُ الْوَارِثُ الْمُطْلَقُ.

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ وَالْأَقَارِبِ مُقَدَّرَةٌ بِالْكِفَايَةِ، وَأَنَّ ذَلِكَ بِالْمَعْرُوفِ، وَأَنَّ لِمَنْ لَهُ النَّفَقَةَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِنَفْسِهِ إِذَا مَنَعَهُ إِيَّاهَا مَنْ هِيَ عَلَيْهِ.

وَقَدِ احْتَجَّ بِهَذَا عَلَى جَوَازِ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ، وَلَا دَلِيلَ فِيهِ؛ لِأَنَّ أبا سفيان كَانَ حَاضِرًا فِي الْبَلَدِ لَمْ يَكُنْ مُسَافِرًا، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَسْأَلْهَا الْبَيِّنَةَ، وَلَا يُعْطَى الْمُدَّعِي بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ، وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا فَتْوَى مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَقَدِ احْتَجَّ بِهِ عَلَى مَسْأَلَةِ الظَّفْرِ، وَأَنَّ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ غَرِيمِهِ إِذَا ظَفِرَ بِهِ بِقَدْرِ حَقِّهِ الَّذِي جَحَدَهُ إِيَّاهُ، وَلَا يَدُلُّ لِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، أَحَدُهَا: أَنَّ سَبَبَ الْحَقِّ هَاهُنَا ظَاهِرٌ وَهُوَ الزَّوْجِيَّةُ فَلَا يَكُونُ الْأَخْذُ خِيَانَةً فِي الظَّاهِرِ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ قَوْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>