للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصَحَّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي سُوَاءَةَ يُقَالُ لَهُ: عبيد الله بن معبد، أَثْنَى عَلَيْهِ خَيْرًا، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ أَوْ جَدَّهُ كَانَ قَدْ نَكَحَ امْرَأَةً ذَاتَ وَلَدٍ مِنْ غَيْرِهِ، ثُمَّ اصْطَحَبَا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ نَكَحَ امْرَأَةً شَابَّةً، فَقَالَ أَحَدُ بَنِي الْأُولَى: قَدْ نَكَحْتَ عَلَى أُمِّنَا وَكَبِرَتْ وَاسْتَغْنَيْتَ عَنْهَا بِامْرَأَةٍ شَابَّةٍ، فَطَلِّقْهَا، قَالَ: لَا وَاللَّهِ إِلَّا أَنْ تُنْكِحَنِي ابْنَتَكَ، قَالَ: فَطَلَّقَهَا وَأَنْكَحَهُ ابْنَتَهُ، وَلَمْ تَكُنْ فِي حَجْرِهِ هِيَ وَلَا أَبُوهَا. قَالَ فَجِئْتُ سفيان بن عبد الله، فَقُلْتُ: اسْتَفْتِ لِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: لَتَحُجَّنَّ مَعِي، فَأَدْخَلَنِي عَلَى عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِمِنَى، فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الْخَبَرَ، فَقَالَ عمر: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ فَاذْهَبْ فَسَلْ فُلَانًا ثُمَّ تَعَالَ فَأَخْبِرْنِي. قَالَ: وَلَا أُرَاهُ إِلَّا عليا، قَالَ: فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ الظَّاهِرِ. فَإِذَا كَانَ عمر وعلي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَمَنْ يَقُولُ بِقَوْلِهِمَا قَدْ أَبَاحَا الرَّبِيبَةَ إِذَا لَمْ تَكُنْ فِي حَجْرِ الزَّوْجِ، مَعَ أَنَّهَا ابْنَةُ امْرَأَتِهِ مِنَ النَّسَبِ، فَكَيْفَ يُحَرِّمَانِ عَلَيْهِ ابْنَتَهَا مِنَ الرَّضَاعِ، وَهَذِهِ ثَلَاثَةُ قُيُودٍ ذَكَرَهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي تَحْرِيمِهَا، أَنْ تَكُونَ فِي حَجْرِهِ، وَأَنْ تَكُونَ مِنِ امْرَأَتِهِ، وَأَنْ يَكُونَ قَدْ دَخَلَ بِأُمِّهَا. فَكَيْفَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ مُجَرَّدُ ابْنَتِهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ، وَلَيْسَتْ فِي حَجْرِهِ، وَلَا هِيَ رَبِيبَتُهُ لُغَةً، فَإِنَّ الرَّبِيبَةَ بِنْتُ الزَّوْجَةِ، وَالرَّبِيبَ ابْنُهَا بِاتِّفَاقِ النَّاسِ، وَسُمِّيَا رَبِيبًا وَرَبِيبَةً لِأَنَّ زَوْجَ أُمَّهِمَا يَرُبُّهُمَا فِي الْعَادَةِ، وَأَمَّا مَنْ أَرْضَعَتْهُمَا امْرَأَتُهُ بِغَيْرِ لَبَنِهِ، وَلَمْ يَرُبُّهَا قَطُّ، وَلَا كَانَتْ فِي حَجْرِهِ، فَدُخُولُهَا فِي هَذَا النَّصِّ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ لَفْظًا وَمَعْنًى، وَقَدْ أَشَارَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَحْرِيمِ الرَّبِيبَةِ بِكَوْنِهَا فِي الْحَجْرِ. فَفِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عروة أَنَّ زينب بنت أم سلمة أَخْبَرَتْهُ أَنَّ ( «أم حبيبة بنت أبي سفيان قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُخْبِرْتُ أَنَّكَ تَخْطُبُ بِنْتَ أبي سلمة، فَقَالَ: بِنْتَ أم سلمة؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَقَالَ: إِنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حَجْرِي لَمَا حَلَّتْ لِي» ) . وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>