للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّابِعُ: أَنَّ هَاهُنَا أُمُورًا. أَحَدُهَا: هَذِهِ الْحَقِيقَةُ وَحْدَهَا، وَالثَّانِي: الْحَقِيقَةُ الْأُخْرَى وَحْدَهَا، وَالثَّالِثُ: مَجْمُوعُهُمَا، وَالرَّابِعُ: مَجَازُ هَذِهِ وَحْدَهَا، وَالْخَامِسُ: مَجَازُ الْأُخْرَى وَحْدَهَا، وَالسَّادِسُ: مَجَازُهُمَا مَعًا، وَالسَّابِعُ: الْحَقِيقَةُ وَحْدَهَا مَعَ مَجَازِهَا، وَالثَّامِنُ: الْحَقِيقَةُ مَعَ مَجَازِ الْأُخْرَى. وَالتَّاسِعُ: الْحَقِيقَةُ الْوَاحِدَةُ مَعَ مَجَازِهِمَا، وَالْعَاشِرُ: الْحَقِيقَةُ الْأُخْرَى مَعَ مَجَازِهَا، وَالْحَادِيَ عَشَرَ: مَعَ مَجَازِ الْأُخْرَى، وَالثَّانِيَ عَشَرَ: مَعَ مَجَازِهِمَا، فَهَذِهِ اثْنَا عَشَرَ مَحْمَلًا بَعْضُهَا عَلَى سَبِيلِ الْحَقِيقَةِ، وَبَعْضُهَا عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ، فَتَعْيِينُ مَعْنًى وَاحِدٍ مَجَازِيٍّ دُونَ سَائِرِ الْمَجَازَاتِ وَالْحَقَائِقِ تَرْجِيحٌ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ.

الْخَامِسُ: أَنَّهُ لَوْ وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ جَمِيعًا لَصَارَ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ؛ لَأَنَّ حُكْمَ الِاسْمِ الْعَامِّ وُجُوبُ حَمْلِهِ عَلَى جَمِيعِ مُفْرَدَاتِهِ عِنْدَ التَّجَرُّدِ مِنَ التَّخْصِيصِ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ، لَجَازَ اسْتِثْنَاءُ أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ مِنْهُ، وَلَسَبَقَ إِلَى الذِّهْنِ مِنْهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ الْعُمُومُ، وَكَانَ الْمُسْتَعْمِلُ لَهُ فِي أَحَدِ مَعْنَيَيْهِ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَعْمِلِ لِلِاسْمِ الْعَامِّ فِي بَعْضِ مَعَانِيهِ، فَيَكُونُ مُتَجَوِّزًا فِي خِطَابِهِ غَيْرَ مُتَكَلِّمٍ بِالْحَقِيقَةِ، وَأَنْ يَكُونَ مَنِ اسْتَعْمَلَهُ فِي مَعْنَيَيْهِ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إِلَى دَلِيلٍ، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مَنْ نَفَى الْمَعْنَى الْآخَرَ، وَلَوَجَبَ أَنْ يُفْهَمَ مِنْهُ الشُّمُولُ قَبْلَ الْبَحْثِ عَنِ التَّخْصِيصِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِذَلِكَ فِي صِيَغِ الْعُمُومِ، وَلَا يَنْفِي الْإِجْمَالَ عَنْهُ، إِذْ يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ الْأَلْفَاظِ الْعَامَّةِ، وَهَذَا بَاطِلٌ قَطْعًا، وَأَحْكَامُ الْأَسْمَاءِ الْمُشْتَرَكَةِ لَا تُفَارِقُ أَحْكَامَ الْأَسْمَاءِ الْعَامَّةِ، وَهَذَا مِمَّا يُعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ مِنَ اللُّغَةِ، وَلَكَانَتِ الْأُمَّةُ قَدْ أَجْمَعَتْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى حَمْلِهَا عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهَا وَمُطْلَقِهَا إِذْ لَمْ يَصِرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَى حَمْلِ " الْقُرْءِ " عَلَى الطُّهْرِ وَالْحَيْضِ مَعًا، وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ قَوْلِهِمْ: حَمْلُهُ عَلَيْهِمَا أَحْوَطُ، فَإِنَّهُ لَوْ قُدِّرَ حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنَ الْحِيَضِ وَالْأَطْهَارِ، لَكَانَ فِيهِ خُرُوجٌ عَنِ الِاحْتِيَاطِ.

وَإِنْ قِيلَ: نَحْمِلُهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَهُوَ خِلَافُ نَصِّ الْقُرْآنِ إِذْ تَصِيرُ الْأَقْرَاءُ سِتَّةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>