للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالزُّهْرِيِّ، وبكر بن الأشج، ومالك، وَأَصْحَابِهِ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي إِحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنْهُ.

وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَشْهُرَ فِي حَقِّ الْآيِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ بَدَلٌ عَنِ الْأَقْرَاءِ الثَّلَاثِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ بَدَلَهَا فِي حَقَّهَا ثَلَاثَةٌ.

فَالْجَوَابُ أَنَّ الْقَائِلِينَ بِهَذَا هُمْ بِأَنْفُسِهِمُ الْقَائِلُونَ إِنَّ عِدَّتَهَا حَيْضَتَانِ وَقَدْ أَفْتَوْا بِهَذَا، وَهَذَا وَلَهُمْ فِي الِاعْتِدَادِ بِالْأَشْهُرِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَهِيَ لِلشَّافِعِيِّ وَهِيَ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ عَنْ أحمد. فَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ أَنَّهَا شَهْرَانِ رَوَاهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَكَرَهَا الأثرم وَغَيْرُهُ عَنْهُ.

وَحُجَّةُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ عِدَّتَهَا بِالْأَقْرَاءِ حَيْضَتَانِ فَجُعِلَ كُلُّ شَهْرٍ مَكَانَ حَيْضَةٍ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّ عِدَّتَهَا شَهْرٌ وَنِصْفٌ نَقَلَهَا عَنْهُ الأثرم والميموني، وَهَذَا قَوْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الْمُسَيَّبِ وأبي حنيفة، وَالشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ أَقْوَالِهِ. وَحُجَّتُهُ أَنَّ التَّنْصِيفَ فِي الْأَشْهُرِ مُمْكِنٌ فَتَنَصَّفَتْ بِخِلَافِ الْقُرُوءِ. وَنَظِيرُ هَذَا: أَنَّ الْمُحْرِمَ إِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ نِصْفُ مُدٍّ أَخْرَجَهُ فَإِنْ أَرَادَ الصِّيَامَ مَكَانَهُ لَمْ يُجْزِهِ إِلَّا صَوْمُ يَوْمٍ كَامِلٍ.

وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ عِدَّتَهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ كَوَامِلُ، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَوْلٌ ثَالِثٌ لِلشَّافِعِيِّ، وَهُوَ فِيمَنْ ذَكَرْتُمُوهُ.

وَالْفَرْقُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ بَيْنَ اعْتِدَادِهَا بِالْأَقْرَاءِ وَبَيْنَ اعْتِدَادِهَا بِالشُّهُورِ، أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالشُّهُورِ لِلْعِلْمِ بِبَرَاءَةِ رَحِمِهَا، وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِدُونِ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فِي حَقِّ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ يَكُونُ نُطْفَةً أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ عَلَقَةً أَرْبَعِينَ، ثُمَّ مُضْغَةً أَرْبَعِينَ، وَهُوَ الطَّوْرُ الثَّالِثُ الَّذِي يُمْكِنُ أَنْ يَظْهَرَ فِيهِ الْحَمْلُ، وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ سَوَاءٌ بِخِلَافِ الْأَقْرَاءِ، فَإِنَّ الْحَيْضَةَ الْوَاحِدَةَ عَلَمٌ ظَاهِرٌ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>