للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْإِثْمِدِ لِأَنَّهُ الَّذِي تَحْصُلُ بِهِ الزِّينَةُ، فَأَمَّا الْكُحْلُ بِالتُّوتْيَا وَالْعَنْزَرُوتِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّهُ لَا زِينَةَ فِيهِ بَلْ يُقَبِّحُ الْعَيْنَ وَيَزِيدُهَا مَرَهًا.

قَالَ: وَلَا تُمْنَعُ مِنْ جَعْلِ الصَّبِرِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهَا مِنْ بَدَنِهَا لِأَنَّهُ إِنَّمَا مُنِعَ مِنْهُ فِي الْوَجْهِ لِأَنَّهُ يُصَفِّرُهُ فَيُشْبِهُ الْخِضَابَ، فَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( «إِنَّهُ يُشِبُّ الْوَجْهَ» )

قَالَ: وَلَا تُمْنَعُ مِنْ تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَنَتْفِ الْإِبْطِ وَحَلْقِ الشَّعْرِ الْمَنْدُوبِ إِلَى حَلْقِهِ، وَلَا مِنَ الِاغْتِسَالِ بِالسِّدْرِ وَالِامْتِشَاطِ بِهِ لِحَدِيثِ أم سلمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَلِأَنَّهُ يُرَادُ لِلتَّنْظِيفِ لَا لِلتَّطَيُّبِ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَانِئٍ النَّيْسَابُورِيُّ فِي " مَسَائِلِهِ " قِيلَ لأبي عبد الله: الْمُتَوَفَّى عَنْهَا تَكْتَحِلُ بِالْإِثْمِدِ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ إِذَا أَرَادَتِ اكْتَحَلَتْ بِالصَّبِرِ إِذَا خَافَتْ عَلَى عَيْنِهَا وَاشْتَكَتْ شَكْوَى شَدِيدَةً.

[فصل تَجْتَنِبُ الْحَادَّةُ زِينَةَ الثِّيَابِ]

فَصْلٌ

النَّوْعُ الثَّانِي: زِينَةُ الثِّيَابِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا مَا نَهَاهَا عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا هُوَ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنْهُ وَمَا هُوَ مِثْلُهُ.، وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ ": «وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا» "، وَهَذَا يَعُمُّ الْمُعَصْفَرَ وَالْمُزَعْفَرَ وَسَائِرَ الْمَصْبُوغِ بِالْأَحْمَرِ وَالْأَصْفَرِ وَالْأَخْضَرِ وَالْأَزْرَقِ الصَّافِي وَكُلَّ مَا يُصْبَغُ لِلتَّحْسِينِ وَالتَّزْيِينِ.

وَفِي اللَّفْظِ الْآخَرِ ( «، وَلَا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ مِنَ الثِّيَابِ، وَلَا الْمُمَشَّقَ» ) وَهَهُنَا نَوْعَانِ آخَرَانِ.

أَحَدُهُمَا: مَأْذُونٌ فِيهِ، وَهُوَ مَا نُسِجَ مِنَ الثِّيَابِ عَلَى وَجْهِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ فِيهِ صَبْغٌ مِنْ خَزٍّ، أَوْ قَزٍّ، أَوْ قُطْنٍ، أَوْ كَتَّانٍ، أَوْ صُوفٍ، أَوْ وَبَرٍ، أَوْ شَعَرٍ، أَوْ صَبْغٍ غَزَلَهُ وَنُسِجَ مَعَ غَيْرِهِ كَالْبُرُودِ.

وَالثَّانِي: مَا لَا يُرَادُ بِصَبْغِهِ الزِّينَةُ مِثْلَ السَّوَادِ وَمَا صُبِغَ لِتَقْبِيحٍ، أَوْ لِيَسْتُرَ الْوَسَخَ، فَهَذَا لَا يُمْنَعُ مِنْهُ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الثِّيَابِ زِينَتَانِ. إِحْدَاهُمَا: جَمَالُ الثِّيَابِ عَلَى اللَّابِسِينَ وَالسُّتْرَةُ لِلْعَوْرَةِ. فَالثِّيَابُ زِينَةٌ لِمَنْ يَلْبَسُهَا، وَإِنَّمَا نُهِيَتِ الْحَادَّةُ عَنْ زِينَةِ بَدَنِهَا وَلَمْ تُنْهَ عَنْ سَتْرِ عَوْرَتِهَا، فَلَا بَأْسَ أَنْ تَلْبَسَ كُلَّ ثَوْبٍ مِنَ الْبَيَاضِ؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>