للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نُورُ النُّبُوَّةِ، وَصَارَتِ الشَّرَائِعُ وَالْأَوَامِرُ رُسُومًا تُقَامُ مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةِ حَقَائِقِهَا وَمَقَاصِدِهَا، فَأَعْطَوْهَا صُوَرَهَا وَزَيَّنُوهَا بِمَا زَيَّنُوهَا بِهِ، فَجَعَلُوا الرُّسُومَ وَالْأَوْضَاعَ سُنَنًا لَا يَنْبَغِي الْإِخْلَالُ بِهَا وَأَخَلُّوا بِالْمَقَاصِدِ الَّتِي لَا يَنْبَغِي الْإِخْلَالُ بِهَا، فَرَصَّعُوا الْخُطَبَ بِالتَّسْجِيعِ وَالْفِقَرِ، وَعِلْمِ الْبَدِيعِ، فَنَقَصَ بَلْ عَدِمَ حَظُّ الْقُلُوبِ مِنْهَا، وَفَاتَ الْمَقْصُودُ بِهَا.

فَمِمَّا حُفِظَ مِنْ خُطَبِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُكْثِرُ أَنْ يَخْطُبَ بِالْقُرْآنِ وَسُورَةِ (ق) . قَالَتْ أم هشام بنت الحارث بن النعمان: ( «مَا حَفِظْتُ (ق) إِلَّا مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يَخْطُبُ بِهَا عَلَى الْمِنْبَرِ» ) .

وَحُفِظَ مِنْ خُطْبَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ وَفِيهَا ضَعْفٌ " ( «يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَبْلَ أَنْ تَمُوتُوا، وَبَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ قَبْلَ أَنْ تَشْغَلُوا، وَصِلُوا الَّذِي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ بِكَثْرَةِ ذِكْرِكُمْ لَهُ وَكَثْرَةِ الصَّدَقَةِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ تُؤْجَرُوا وَتُحْمَدُوا وَتُرْزَقُوا. وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ فَرَضَ عَلَيْكُمُ الْجُمُعَةَ فَرِيضَةً مَكْتُوبَةً فِي مَقَامِي هَذَا، فِي شَهْرِي هَذَا فِي عَامِي هَذَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، مَنْ وَجَدَ إِلَيْهَا سَبِيلًا، فَمَنْ تَرَكَهَا فِي حَيَاتِي أَوْ بَعْدَ مَمَاتِي جُحُودًا بِهَا أَوِ اسْتِخْفَافًا بِهَا وَلَهُ إِمَامٌ جَائِرٌ أَوْ عَادِلٌ، فَلَا جَمَعَ اللَّهُ شَمْلَهُ وَلَا بَارَكَ لَهُ فِي أَمْرِهِ، أَلَا وَلَا صَلَاةَ لَهُ، أَلَا وَلَا وُضُوءَ لَهُ، أَلَا وَلَا صَوْمَ لَهُ، أَلَا وَلَا زَكَاةَ لَهُ، أَلَا وَلَا حَجَّ لَهُ، أَلَا وَلَا بَرَكَةَ لَهُ حَتَّى يَتُوبَ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، أَلَا وَلَا تَؤُمَّنَّ امْرَأَةٌ رَجُلًا، أَلَا وَلَا يَؤُمَّنَّ أَعْرَابِيٌّ مُهَاجِرًا، أَلَا وَلَا يَؤُمَّنَّ فَاجِرٌ مُؤْمِنًا، إِلَّا أَنْ يَقْهَرَهُ سُلْطَانٌ فَيَخَافَ سَيْفَهُ وَسَوْطَهُ» ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>