للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَجِّهَا انْقَضَى حَجُّهَا وَعُمْرَتُهَا، ثُمَّ أَعْمَرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ تَطْيِيبًا لِقَلْبِهَا، إِذْ تَأْتِي بِعُمْرَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ كَصَوَاحِبَاتِهَا، وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ إِيضَاحًا بَيِّنًا، مَا رَوَى مسلم فِي " صَحِيحِهِ "، مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عروة، عَنْهَا ( «قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَحِضْتُ، فَلَمْ أَزَلْ حَائِضًا حَتَّى كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَلَمْ أُهِلَّ إِلَّا بِعُمْرَةٍ، فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَنْقُضَ رَأْسِي وَأَمْتَشِطَ، وَأُهِلَّ بِالْحَجِّ، وَأَتْرُكَ الْعُمْرَةَ، قَالَتْ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ حَتَّى إِذَا قَضَيْتُ حَجِّي، بَعَثَ مَعِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَعْتَمِرَ مِنَ التَّنْعِيمِ مَكَانَ عُمْرَتِي الَّتِي أَدْرَكَنِي الْحَجُّ وَلَمْ أُهِلَّ مِنْهَا» ) فَهَذَا حَدِيثٌ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ وَالصَّرَاحَةِ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ أَحَلَّتْ مِنْ عُمْرَتِهَا، وَأَنَّهَا بَقِيَتْ مُحْرِمَةً حَتَّى أَدْخَلَتْ عَلَيْهَا الْحَجَّ، فَهَذَا خَبَرُهَا عَنْ نَفْسِهَا، وَذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا، كُلٌّ مِنْهُمَا يُوَافِقُ الْآخَرَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ» ) دَلِيلٌ عَلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فِي التَّكْرَارِ، وَتَنْبِيهٌ عَلَى ذَلِكَ، إِذْ لَوْ كَانَتِ الْعُمْرَةُ كَالْحَجِّ لَا تُفْعَلُ فِي السَّنَةِ إِلَّا مَرَّةً لَسَوَّى بَيْنَهُمَا وَلَمْ يُفَرِّقْ.

وَرَوَى الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، (عَنْ علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: اعْتَمِرْ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً) وَرَوَى وَكِيعٌ، عَنْ إسرائيل عَنْ سويد بن أبي ناجية، عَنْ أبي جعفر قَالَ، (قَالَ علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: اعْتَمِرْ فِي الشَّهْرِ إِنْ أَطَقْتَ مِرَارًا) وَذَكَرَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ سفيان بن أبي حسين، عَنْ بَعْضِ وَلَدِ أنس، (أَنَّ أنسا كَانَ إِذَا كَانَ بِمَكَّةَ فَحَمَّمَ رَأْسَهُ، خَرَجَ إِلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرَ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>