للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَكَّةَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَحِلَّ» ) ، وَقَالَ طَاوُوسٌ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْمَدِينَةِ لَا يُسَمِّي حَجًّا وَلَا عُمْرَةً يَنْتَظِرُ الْقَضَاءَ، فَنَزَلَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَهُوَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً» . .. الْحَدِيثَ.

وَقَالَ جابر فِي حَدِيثِهِ الطَّوِيلِ فِي سِيَاقِ حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ نَظَرْتُ إِلَى مَدِّ بَصَرِي بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ رَاكِبٍ وَمَاشٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَعَنْ يَسَارِهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَمِنْ خَلْفِهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَظْهُرِنَا، وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ الْقُرْآنُ وَهُوَ يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ، فَمَا عَمِلَ بِهِ مِنْ شَيْءٍ عَمِلْنَا بِهِ، فَأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ " لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ. وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ وَلَزِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلْبِيَتَهُ» ) ، فَأَخْبَرَ جابر أَنَّهُ لَمْ يَزِدْ عَلَى هَذِهِ التَّلْبِيَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ أَضَافَ إِلَيْهَا حَجًّا وَلَا عُمْرَةً، وَلَا قِرَانًا، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَعْذَارِ مَا يُنَاقِضُ أَحَادِيثَ تَعْيِينِهِ النُّسُكَ الَّذِي أَحْرَمَ بِهِ فِي الِابْتِدَاءِ، وَأَنَّهُ الْقِرَانُ.

فَأَمَّا حَدِيثُ طَاوُوسٍ، فَهُوَ مُرْسَلٌ لَا يُعَارِضُ بِهِ الْأَسَاطِينَ الْمُسْنَدَاتِ، وَلَا يُعْرَفُ اتِّصَالُهُ بِوَجْهٍ صَحِيحٍ وَلَا حَسَنٍ. وَلَوْ صَحَّ، فَانْتِظَارُهُ لِلْقَضَاءِ كَانَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمِيقَاتِ، فَجَاءَهُ الْقَضَاءُ وَهُوَ بِذَلِكَ الْوَادِي، ( «أَتَاهُ آتٍ مِنْ رَبِّهِ تَعَالَى فَقَالَ: صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ، وَقُلْ: عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ» ) ، فَهَذَا الْقَضَاءُ الَّذِي انْتَظَرَهُ، جَاءَهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، فَعَيَّنَ لَهُ الْقِرَانَ. وَقَوْلُ طَاوُوسٍ: نَزَلَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَهُوَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، هُوَ قَضَاءٌ آخَرُ غَيْرُ الْقَضَاءِ الَّذِي نَزَلَ عَلَيْهِ بِإِحْرَامِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ كَانَ بِوَادِي الْعَقِيقِ، وَأَمَّا الْقَضَاءُ الَّذِي نَزَلَ عَلَيْهِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَهُوَ قَضَاءُ الْفَسْخِ

<<  <  ج: ص:  >  >>