للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْسُوبٌ إِلَى الْأُمِّ، بَاقٍ عَلَى تَرْبِيَتِهَا لَمْ تُرَبِّهِ الرِّجَالُ، وَهَذَا أَحَدُ الْأَقْوَالِ فِي الْأُمِّيِّ، أَنَّهُ الْبَاقِي عَلَى نِسْبَتِهِ إِلَى الْأُمِّ.

وَأَمَّا النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ: فَهُوَ الَّذِي لَا يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ وَلَا يَقْرَأُ الْكِتَابَ.

وَأَمَّا الْأُمِّيُّ الَّذِي لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ، فَهُوَ الَّذِي لَا يُصَحِّحُ الْفَاتِحَةَ، وَلَوْ كَانَ عَالِمًا بِعُلُومٍ كَثِيرَةٍ.

وَنَظِيرُ ذِكْرِ الْأُمِّ هَاهُنَا ذِكْرُ هَنِ الْأَبِ لِمَنْ تَعَزَّى بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ فَيُقَالُ لَهُ: اعْضُضْ هَنَ أَبِيكَ، وَكَانَ ذِكْرُ هَنِ الْأَبِ هَاهُنَا أَحْسَنَ تَذْكِيرًا لِهَذَا الْمُتَكَبِّرِ بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ بِالْعُضْوِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ، وَهُوَ هَنُ أَبِيهِ، فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَعَدَّى طَوْرَهُ، كَمَا أَنَّ ذِكْرَ الْأُمِّ هَاهُنَا أَحْسَنُ تَذْكِيرًا لَهُ بِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى أُمِّيَّتِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَلَمَّا كَانَ الْعَاطِسُ قَدْ حَصَلَتْ لَهُ بِالْعُطَاسِ نِعْمَةٌ وَمَنْفَعَةٌ بِخُرُوجِ الْأَبْخِرَةِ الْمُحْتَقِنَةِ فِي دِمَاغِهِ الَّتِي لَوْ بَقِيَتْ فِيهِ أَحْدَثَتْ لَهُ أَدْوَاءً عَسِرَةً، شُرِعَ لَهُ حَمْدُ اللَّهِ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ مَعَ بَقَاءِ أَعْضَائِهِ عَلَى الْتِئَامِهَا وَهَيْئَتِهَا بَعْدَ هَذِهِ الزَّلْزَلَةِ الَّتِي هِيَ لِلْبَدَنِ كَزَلْزَلَةِ الْأَرْضِ لَهَا، وَلِهَذَا يُقَالُ: سَمَّتَهُ وَشَمَّتَهُ بِالسِّينِ وَالشِّينِ فَقِيلَ: هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ، قَالَهُ أبو عبيدة وَغَيْرُهُ.

قَالَ: وَكُلُّ دَاعٍ بِخَيْرٍ، فَهُوَ مُشَمِّتٌ وَمُسَمِّتٌ. وَقِيلَ: بِالْمُهْمَلَةِ دُعَاءٌ لَهُ بِحُسْنِ السَّمْتِ، وَبِعَوْدِهِ إِلَى حَالَتِهِ مِنَ السُّكُونِ وَالدَّعَةِ، فَإِنَّ الْعُطَاسَ يُحْدِثُ فِي الْأَعْضَاءِ حَرَكَةً وَانْزِعَاجًا. وَبِالْمُعْجَمَةِ: دُعَاءٌ لَهُ بِأَنْ يَصْرِفَ اللَّهُ عَنْهُ مَا يُشَمِّتُ بِهِ أَعْدَاءَهُ، فَشَمَّتَهُ: إِذَا أَزَالَ عَنْهُ الشَّمَاتَةَ، كَقَرَّدَ الْبَعِيرَ: إِذَا أَزَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>