للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَبْدَانِ، وَرُوحُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَعِدَتْ إِلَى هُنَاكَ فِي حَالِ الْحَيَاةِ ثُمَّ عَادَتْ، وَبَعْدَ وَفَاتِهِ اسْتَقَرَّتْ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى مَعَ أَرْوَاحِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَمَعَ هَذَا فَلَهَا إِشْرَافٌ عَلَى الْبَدَنِ وَإِشْرَاقٌ وَتَعَلُّقٌ بِهِ، بِحَيْثُ يَرُدُّ السَّلَامَ عَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ، وَبِهَذَا التَّعَلُّقِ رَأَى مُوسَى قَائِمًا يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ، وَرَآهُ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يُعْرَجْ بِمُوسَى مِنْ قَبْرِهِ، ثُمَّ رُدَّ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ مَقَامُ رُوحِهِ وَاسْتِقْرَارِهَا، وَقَبْرُهُ مَقَامُ بَدَنِهِ وَاسْتِقْرَارُهُ إِلَى يَوْمِ مَعَادِ الْأَرْوَاحِ إِلَى أَجْسَادِهَا، فَرَآهُ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ، وَرَآهُ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، كَمَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَرْفَعِ مَكَانٍ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى مُسْتَقَرًّا هُنَاكَ، وَبَدَنُهُ فِي ضَرِيحِهِ غَيْرُ مَفْقُودٍ، وَإِذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ الْمُسَلِّمُ رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ رُوحَهُ حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ، وَلَمْ يُفَارِقِ الْمَلَأُ الْأَعْلَى، وَمَنْ كَثُفَ إِدْرَاكُهُ وَغَلُظَتْ طِبَاعُهُ عَنْ إِدْرَاكِ هَذَا فَلْيُنْظَرْ إِلَى الشَّمْسِ فِي عُلُوِّ مَحِلِّهَا، وَتَعَلُّقِهَا وَتَأْثِيرِهَا فِي الْأَرْضِ، وَحَيَاةِ النَّبَاتِ وَالْحَيَوَانِ بِهَا، هَذَا وَشَأْنُ الرُّوحِ فَوْقَ هَذَا فَلَهَا شَأْنٌ، وَلِلْأَبْدَانِ شَأْنٌ، وَهَذِهِ النَّارُ تَكُونُ فِي مَحِلِّهَا وَحَرَارَتُهَا تُؤَثِّرُ فِي الْجِسْمِ الْبَعِيدِ عَنْهَا، مَعَ أَنَّ الِارْتِبَاطَ وَالتَّعَلُّقَ الَّذِي بَيْنَ الرُّوحِ وَالْبَدَنِ أَقْوَى وَأَكْمَلُ مِنْ ذَلِكَ وَأَتَمُّ، فَشَأْنُ الرُّوحِ أَعْلَى مِنْ ذَلِكَ وَأَلْطَفُ.

فَقُلْ لِلْعُيُونِ الرُّمْدِ إِيَّاكِ أَنْ تَرَيْ ... سَنَا الشَّمْسِ فَاسْتَغْشِي ظَلَامَ اللَّيَالِيَا

فَصْلٌ

قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ: «عُرِجَ بِرُوحِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَإِلَى السَّمَاءِ قَبْلَ خُرُوجِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ بِسَنَةٍ» . وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ: كَانَ بَيْنَ الْإِسْرَاءِ وَالْهِجْرَةِ سَنَةٌ وَشَهْرَانِ انْتَهَى.

وَكَانَ الْإِسْرَاءُ مَرَّةً وَاحِدَةً. وَقِيلَ: مَرَّتَيْنِ: مَرَّةً يَقَظَةً، وَمَرَّةً مَنَامًا، وَأَرْبَابُ

<<  <  ج: ص:  >  >>