للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِمَعْنَى الِاسْتِيلَاءِ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: إِنَّهُ عَلَى الْمَجَازِ دُونَ الْحَقِيقَةِ، قَالَ: وَيُبَيِّنُ سُوءَ تَأْوِيلِهِمْ فِي اسْتِوَائِهِ عَلَى عَرْشِهِ عَلَى غَيْرِ مَا تَأَوَّلُوهُ مِنَ الِاسْتِيلَاءِ وَغَيْرِهِ مَا قَدْ عَلِمَهُ أَهْلُ الْمَعْقُولِ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُسْتَوْلِيًا عَلَى جَمِيعِ مَخْلُوقَاتِهِ بَعْدَ اخْتِرَاعِهِ لَهَا، وَكَانَ الْعَرْشُ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءً، فَلَا مَعْنَى لِتَأْوِيلِهِمْ بِإِفْرَادِ الْعَرْشِ بِالِاسْتِوَاءِ الَّذِي هُوَ فِي تَأْوِيلِهِمُ الْفَاسِدِ اسْتِيلَاءٌ وَمُلْكٌ وَقَهْرٌ وَغَلَبَةٌ، قَالَ: وَكَذَلِكَ بَيَّنَ أَيْضًا أَنَّهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا} [النساء: ١٢٢] فَلَمَّا رَأَى الْمُنْصِفُونَ إِفْرَادَ ذِكْرِهِ بِالِاسْتِوَاءِ عَلَى عَرْشِهِ بَعْدَ خَلْقِ سَمَاوَاتِهِ وَأَرْضِهِ وَتَخْصِيصِهِ بِصِفَةِ الِاسْتِوَاءِ عَلِمُوا أَنَّ الِاسْتِوَاءَ هُنَا غَيْرُ الِاسْتِيلَاءِ وَنَحْوِهِ فَأَقَرُّوا بِصِفَةِ الِاسْتِوَاءِ عَلَى عَرْشِهِ وَأَنَّهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ لَا عَلَى الْمَجَازِ ; لِأَنَّهُ الصَّادِقُ فِي قِيلِهِ، وَوَقَفُوا عَنْ تَكْيِيفِ ذَلِكَ وَتَمْثِيلِهِ ; إِذْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ مِنَ الْأَشْيَاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ إِمَامِ الْمَالِكِيَّةِ بِالْعِرَاقِ أَنَّ الِاسْتِوَاءَ اسْتِوَاءُ الذَّاتِ عَلَى الْعَرْشِ، وَأَنَّهُ قَوْلُ أَبِي الطَّيِّبِ الْأَشْعَرِيِّ حَكَاهُ عَنْهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ نَصًّا وَأَنَّهُ قَوْلُ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ نَفْسِهِ صَرَّحَ بِهِ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ وَأَنَّهُ قَوْلُ الْخَطَّابِيِّ وَغَيْرِهِ مِنَ

<<  <   >  >>