للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَحَدَ الْعُلَمَاءِ يُحْكَمُ بِقَوْلِهِ وَيُرْجَعُ إِلَى رَأْيِهِ، وَكَانَ قَدْ جَمَعَ مِنَ الْعُلُومِ مَا لَمْ يُشَارِكْهُ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ عَصْرِهِ، وَكَانَ عَارِفًا بِالْقُرْآنِ بَصِيرًا بِالْمَعَانِي، فَقِيهًا فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ، عَالِمًا بِالسُّنَنِ وَطُرُقِهَا وَصَحِيحِهَا وَسَقِيمِهَا وَنَاسِخِهَا وَمَنْسُوخِهَا، عَارِفًا بِأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي الْأَحْكَامِ وَمَسَائِلِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، قَالَ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ: لَوْ سَافَرَ رَجُلٌ إِلَى الصِّينِ حَتَّى يَحْصُلَ لَهُ كِتَابُ تَفْسِيرِ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ لَمْ يَكُنْ كَثِيرًا، وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ مَا أَعْلَمُ عَلَى أَدِيمِ الْأَرْضِ أَعْلَمَ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ، وَقَالَ الْخَطِيبُ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ اللُّغَوِيَّ يَحْكِي أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جَرِيرٍ مَكَثَ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَكْتُبُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْهَا أَرْبَعِينَ وَرَقَةً، قُلْتُ: وَكَانَ لَهُ مَذْهَبٌ مُسْتَقِلٌّ وَلَهُ أَصْحَابٌ عِدَّةٌ مِنْهُمْ: أَبُو الْفَرَجِ الْمُعَافَا بْنُ زَكَرِيَّا. وَمَنْ أَرَادَ مَعْرِفَةَ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي هَذَا الْبَابِ فَلْيُطَالِعْ مَا قَالَهُ عَنْهُمْ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} [الأعراف: ١٤٣] وَقَوْلِهِ: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ} [الشورى: ٥] وَقَوْلِهِ: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: ٥٤] لِيَتَبَيَّنَ لَهُ أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَوْلَى بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ الْجَهْمِيَّةِ الْمُعَطِّلَةِ أَوْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْإِثْبَاتِ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.

<<  <   >  >>