للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نُورٌ فَأَنَّى أَرَاهُ. قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ الصَّحِيحِ «هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ فَقَالَ: رَأَيْتُ نُورًا» ، وَقَدْ أُعْضِلَ أَمْرُ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ حَتَّى صَحَّفَهُ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: «نُورَانِيٌّ أَرَاهُ» ، عَلَى أَنَّهَا يَاءُ النَّسَبِ، وَالْكَلِمَةُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ وَهَذَا خَطَّأٌ لَفْظًا وَمَعْنَى، وَإِنَّمَا أَوْجَبَ لَهُمْ هَذَا الْإِشْكَالَ وَالْخَطَأَ أَنَّهُمْ لَمَّا اعْتَقَدُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ وَكَانَ قَوْلُهُ: «أَنَّى أَرَاهُ» ، كَالْإِنْكَارِ لِلرُّؤْيَةِ حَارُوا فِي الْحَدِيثِ وَرَدَّهُ بَعْضُهُمْ بِاضْطِرَابِ لَفْظِهِ وَكُلُّ هَذَا عُدُولٌ عَنْ مُوجَبِ الدَّلِيلِ.

وَقَدْ حَكَى عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، فِي كِتَابِ " الرَّدِّ " لَهُ، إِجْمَاعَ الصَّحَابَةِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرَ رَبَّهُ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ، وَبَعْضُهُمُ اسْتَثْنَى ابْنَ عَبَّاسٍ مِنْ ذَلِكَ، وَشَيْخُنَا يَقُولُ: لَيْسَ ذَلِكَ بِخِلَافٍ فِي الْحَقِيقَةِ. فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمْ يَقُلْ: رَآهُ بِعَيْنَيْ رَأْسِهِ، وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ أَحْمَدُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ حَيْثُ قَالَ: " أَنَّهُ رَآهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَمْ يَقُلْ بِعَيْنَيْ رَأْسِهِ وَلَفْظُ أَحْمَدَ

<<  <   >  >>