للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَقَالَ حَنْبَلٌ) فِي مَوْضِعٍ آخَرَ عَنْ أَحْمَدَ: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فِي ذَاتِهِ كَمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، قَدْ أَجْمَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الصِّفَةَ لِنَفْسِهِ فَحَدَّ لِنَفْسِهِ صِفَةً لَيْسَ يُشَبِهُهُ شَيْءٌ، وَصِفَاتُهُ غَيْرُ مَحْدُودَةٍ وَلَا مَعْلُومَةٍ إِلَّا بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ. قَالَ تَعَالَى: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١] فَهُوَ سُمَيْعٌ بَصِيرٌ بِلَا حَدٍّ وَلَا تَقْدِيرٍ، وَلَا يَبْلُغُ الْوَاصِفُونَ صِفَتَهُ، وَلَا نَتَعَدَّى الْقُرْآنَ وَالْحَدِيثَ فَنَقُولُ كَمَا قَالَ، وَنَصِفُهُ بِمَا وَصَفَ (بِهِ) نَفْسَهُ وَلَا نَتَعَدَّى ذَلِكَ وَلَا يَبْلُغُ صِفَتَهُ الْوَاصِفُونَ. نُؤْمِنُ بِالْقُرْآنِ كُلِّهِ مُحْكَمِهِ وَمُتَشَابِهِهِ وَلَا نُزِيلُ عَنْهُ صِفَةً مِنْ صِفَاتِهِ لِشَنَاعَةٍ شُنِّعَتْ، وَمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ كَلَامٍ وَنُزُولٍ وَخَلْوَةٍ بِعَبْدِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَوَضْعِهِ كَنَفَهُ عَلَيْهِ، فَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُرَى فِي الْآخِرَةِ، وَالتَّحْدِيدُ فِي هَذَا كُلِّهِ بِدَعَةٌ وَالتَّسْلِيمُ فِيهِ لِلَّهِ بِغَيْرِ صِفَةٍ وَلَا حَدٍّ إِلَّا مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ، لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا عَالِمًا غَفُورًا عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ عَلَّامَ الْغُيُوبِ فَهَذِهِ صِفَاتٌ وَصَفَ بِهَا نَفْسَهُ لَا تُدْفَعُ وَلَا تُرَدُّ وَهُوَ عَلَى الْعَرْشِ بِلَا حَدٍّ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: ٥٤] كَيْفَ شَاءَ، الْمَشِيئَةُ إِلَيْهِ وَالِاسْتِطَاعَةُ إِلَيْهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ كَمَا (وَصَفَ نَفْسَهُ) سَمِيعٌ بَصِيرٌ بِلَا حَدٍّ وَلَا تَقْدِيرٍ لَا نَتَعَدَّى الْقُرْآنَ وَالْحَدِيثَ. . . تَعَالَى عَمَّا يَقُولُ الْجَهْمِيَّةُ، وَالْمُشَبِّهَةُ، قُلْتُ (لَهُ) : وَالْمُشَبِّهُ مَا تَقُولُ؟ قَالَ: مَنْ قَالَ: بَصَرٌ كَبَصَرِي وَيَدٌ كَيَدِي وَقَدَمٌ كَقَدَمِي فَقَدْ شَبَّهَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بِخَلْقِهِ. وَكَلَامُ أَحْمَدَ فِي

<<  <   >  >>