للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ» ، وَغَرَضُهُ بِهَذَا التَّبْوِيبِ الرَّدُّ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ وَالْجَبْرِيَّةِ فَأَضَافَ الْجَعْلَ إِلَيْهِمْ فَهُوَ كَسْبُهُمْ وَفِعْلُهُمْ، وَلِهَذَا قَالَ فِي هَذَا الْبَابِ نَفْسِهِ وَمَا ذَكَرَ فِي خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ (وَاكْتِسَابِهِمْ لِقَوْلِهِ: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: ٢] فَأَثْبَتَ خَلْقَ أَفْعَالِ الْعِبَادِ) وَأَنَّهَا أَفْعَالُهُمْ وَأَكْسَابُهُمْ فَتَضَمَّنَتْ تَرْجَمَتُهُ مُخَالَفَتَهُ لِلْقَدَرِيَّةِ وَالْجَبْرِيَّةِ، ثُمَّ قَالَ: بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ} [فصلت: ٢٢] وَقَصْدُهُ بِهَذَا أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ الصَّوْتَ وَالْحَرَكَةَ الَّتِي يُؤَدَّى بِهَا الْكَلَامُ كَسْبُ الْعَبْدِ وَفِعْلُهُ وَعَمَلُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ أَبْوَابًا فِي إِثْبَاتِ خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ، ثُمَّ خَتَمَ الْكِتَابَ بِإِثْبَاتِ الْمِيزَانِ.

[قَوْلُ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ]

(قَوْلُ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ) : يُعْرَفُ قَوْلُهُ فِي السُّنَّةِ مِنْ سِيَاقِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَلَمْ يَتَأَوَّلْهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ لَهَا التَّرَاجِمَ كَمَا فَعَلَ الْبُخَارِيُّ وَلَكِنْ سَرَدَهَا بِلَا أَبْوَابٍ وَلَكِنْ تُعْرَفُ التَّرَاجِمُ مِنْ ذِكْرِهِ لِلشَّيْءِ مَعَ نَظِيرِهِ، فَذَكَرَ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ كَثِيرًا مِنْ أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ كَحَدِيثِ الْإِتْيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَا فِيهِ مِنَ التَّجَلِّي وَكَلَامِ الرَّبِّ لِعِبَادِهِ وَرُؤْيَتِهِمْ إِيَّاهُ وَذَكَرَ حَدِيثَ الْجَارِيَةِ وَأَحَادِيثَ النُّزُولِ وَذَكَرَ حَدِيثَ " «إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ وَالْأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ» " وَحَدِيثَ يَأْخُذُ الْجَبَّارُ سَمَاوَاتِهِ وَأَرْضَهُ بِيَدَيْهِ، وَأَحَادِيثَ الرُّؤْيَةِ، وَحَدِيثَ حَتَّى يَضَعَ الْجَبَّارُ

<<  <   >  >>