للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَفَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ السُّنَّةَ شَهِدَتْ بِأَنَّ تِلْكَ النَّوَافِلَ مُكَمِّلَةٌ لِنَقْصِ الْفَرَائِضِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فَرِيضَةٌ، فَلَا تَكْمِلَةَ، وَلَيْسَ تَطْوِيلُ التَّحْجِيلِ مَأْمُورًا بِهِ لِتَكْمِلَةِ غُسْلِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ، لِأَنَّهُ كَامِلٌ بِالْمُشَاهَدَةِ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ مَطْلُوبًا لِنَفْسِهِ.

وَفِي هَذَا الْفَرْقِ مَنَعَ كَوْنِهِ تَابِعًا، وَإِلَيْهِ مَالَ الْإِسْنَوِيُّ. وَفَرَّقَ بَيْن مَسْأَلَةِ الْيَدِ وَالْوَجْهِ: بِأَنَّ فَرْضَ الرَّأْسِ الْمَسْحُ، وَهُوَ بَاقٍ عِنْد تَعَذُّرِ غَسْل الْوَجْهِ. وَاسْتِحْبَاب مَسْحِ الْعُنُقِ وَالْأُذُنَيْنِ بَاقٍ بِحَالِهِ، فَإِذَا لَمْ يُسْتَحَبُّ غَسْلُ ذَلِكَ، لَمْ يَخْلُ الْمَحِلُّ الْمَطْلُوبُ عَنْ الطَّهَارَةِ، وَلَا كَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْيَدِ.

[تَنْبِيهٌ: الْفَرْعُ يَسْقُطُ بِسُقُوطِ الْأَصْل]

تَنْبِيهٌ:

يَقْرُبُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: " الْفَرْعُ يَسْقُطُ إذَا سَقَطَ الْأَصْلُ ". وَمِنْ فُرُوعِهِ: إذَا بَرِئَ الْأَصِيلُ بَرِئَ الضَّامِنُ لِأَنَّهُ فَرْعُهُ، فَإِذَا سَقَطَ الْأَصِيلُ، سَقَطَ بِخِلَافِ الْعَكْس، وَقَدْ يَثْبُتُ الْفَرْعُ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْأَصْلُ، وَلِذَلِكَ صُوَرٌ:

مِنْهَا: لَوْ قَالَ شَخْصٌ: لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو أَلْفٌ، وَأَنَا ضَامِنٌ بِهِ فَأَنْكَرَ عَمْرُو، فَفِي مُطَالَبَة الضَّامِنِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ.

وَمِنْهَا: ادَّعَى الزَّوْجُ الْخُلْعَ، وَأَنْكَرَتْ: ثَبَتَتْ الْبَيْنُونَةُ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْمَال الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ.

وَمِنْهَا قَالَ: بِعْت عَبْدِي مِنْ زَيْدٍ، وَأَعْتَقَهُ زَيْدٌ. فَأَنْكَرَ زَيْدٌ، أَوْ قَالَ: بِعْتُهُ مِنْ نَفْسِهِ فَأَنْكَرَ الْعَبْدُ، عَتَقَ فِيهِمَا، وَلَمْ يَثْبُتْ الْعِوَضُ.

وَمِنْهَا: قَالَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ فُلَانَةُ بِنْتُ أَبَانَا، وَأَنْكَرَ الْآخَرُ فَفِي حِلِّهَا لِلْمُقِرِّ وَجْهَانِ.

وَالْمَجْزُومُ بِهِ فِي النِّهَايَةِ: التَّحْرِيمُ، وَهُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ، فَقَدْ ثَبَتَ الْفَرْعُ دُونَ الْأَصْلِ:

وَمِنْهُ: قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ أُخْتِي مَنْ النَّسَبِ، وَهِيَ مَعْرُوفَةُ النَّسَبِ مِنْ غَيْر أَبِيهِ فَفِي تَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ وَجْهَانِ، أَوْ مَجْهُولَةُ النَّسَب، وَكَذَّبَتْهُ: انْفَسَخَ نِكَاحُهَا فِي الْأَصَحِّ.

وَمِنْهَا: ادَّعَتْ زَوْجِيَّةَ رَجُلٍ، فَأَنْكَرَ، فَفِي تَحْرِيمِ النِّكَاحِ عَلَيْهَا وَجْهَانِ.

وَمِنْهَا: ادَّعَتْ الْإِصَابَةَ، قَبْلَ الطَّلَاقِ، وَأَنْكَرَ، فَفِي وُجُوبِ الْعِدَّةُ عَلَيْهَا وَجْهَانِ الْأَصَحُّ: نَعَمْ.

[الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ: التَّابِعُ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى الْمَتْبُوعِ]

الثَّالِثَةُ التَّابِعُ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى الْمَتْبُوعِ وَمِنْ فُرُوعِهِ: الْمُزَارَعَةُ عَلَى الْبَيَاضِ بَيْن النَّخْلِ وَالْعِنَبِ جَائِزَةٌ تَبَعًا لَهَا بِشُرُوطٍ.

<<  <   >  >>