للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَاسْتِدْبَارِهَا مَعَ السَّاتِرِ، وَقَطْعَ الْمُتَيَمِّمِ الصَّلَاةَ إذَا رَأَى الْمَاءَ ; خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَ الْجَمِيعَ.

وَكَرَاهَةُ الْحِيَلِ فِي بَابِ الرِّبَا. وَنِكَاحُ الْمُحَلِّل خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ حَرَّمَهُ.

وَكَرَاهَةُ صَلَاةِ الْمُنْفَرِد خَلْفَ الصَّفِّ، خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَبْطَلَهَا.

وَكَذَا كَرَاهَةُ مُفَارَقَةِ الْإِمَامِ بِلَا عُذْرٍ، وَالِاقْتِدَاءُ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ ; خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ لَمْ يُجِزْ ذَلِكَ.

تَنْبِيهٌ:

لِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ شُرُوطٌ: أَحَدُهَا: أَنْ لَا يُوقِعَ مُرَاعَاتُهُ فِي خِلَافٍ آخَرَ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ فَصْلُ الْوِتْرِ أَفْضَلَ مِنْ وَصْلِهِ، وَلَمْ يُرَاعِ خِلَافَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ مِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ لَا يُجِيزُ الْوَصْلَ.

الثَّانِي: أَنْ لَا يُخَالِفَ سُنَّةً ثَابِتَةً ; وَمِنْ ثَمَّ سُنَّ رَفْعُ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ، وَلَمْ يُبَالِ بِرَأْيِ مَنْ قَالَ بِإِبْطَالِهِ الصَّلَاةَ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ ; لِأَنَّهُ ثَابِتٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ رِوَايَةِ نَحْوِ خَمْسِينَ صَحَابِيًّا.

الثَّالِثُ: أَنْ يَقْوَى مُدْرِكُهُ ; بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ هَفْوَةً. وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ أَفْضَلَ لِمَنْ قَوِيَ عَلَيْهِ ; وَلَمْ يُبَالِ بِقَوْلِ دَاوُد: إنَّهُ لَا يَصِحُّ.

وَقَدْ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: إنَّ الْمُحَقِّقِينَ لَا يُقِيمُونَ لِخِلَافِ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَزْنًا.

تَنْبِيهٌ:

شَكَّكَ بَعْضُ الْمُحَقَّقِينَ عَلَى قَوْلِنَا بِأَفْضَلِيَّةِ الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ فَقَالَ: الْأَوْلَوِيَّةُ وَالْأَفْضَلِيَّةُ، إنَّمَا تَكُونُ حَيْثُ سُنَّةٌ ثَابِتَةٌ. وَإِذَا اخْتَلَفَتْ الْأُمَّةُ عَلَى قَوْلَيْنِ: قَوْلٌ بِالْحِلِّ ; وَقَوْلٌ بِالتَّحْرِيمِ، وَاحْتَاطَ الْمُسْتَبْرِئُ لِدِينِهِ، وَجَرَى عَلَى التَّرْكِ ; حَذِرًا مِنْ وَرْطَاتِ الْحُرْمَة لَا يَكُونُ فِعْلُهُ ذَلِكَ سُنَّةً ; لِأَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ يَتَعَلَّقُ بِهِ الثَّوَابُ مِنْ غَيْر عِقَابٍ عَلَى التَّرْكِ، لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ، وَالْأَئِمَّةُ كَمَا تَرَى بَيْن قَائِلٍ بِالْإِبَاحَةِ، وَقَائِلٍ بِالتَّحْرِيمِ. فَمِنْ أَيْنَ الْأَفْضَلِيَّةُ؟

وَأَجَابَ ابْنُ السُّبْكِيّ: بِأَنَّ أَفْضَلِيَّتَهُ لَيْسَتْ لِثُبُوتِ سُنَّةٍ خَاصَّةٍ فِيهِ، بَلْ لِعُمُومِ الِاحْتِيَاطِ وَالِاسْتِبْرَاءِ لِلدِّينِ، وَهُوَ مَطْلُوبٌ شَرْعًا مُطْلَقًا، فَكَانَ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الْخِلَافِ أَفْضَلُ، ثَابِتًا مِنْ حَيْثُ الْعُمُومُ، وَاعْتِمَادُهُ مِنْ الْوَرَعِ الْمَطْلُوبِ شَرْعًا.

<<  <   >  >>