للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَفِي نَظِيرِهَا مِنْ الْحَدِّ يُجْزِئُ، وَيَسْقُطُ قَطْعُ الْيَمِينِ بِكُلِّ حَالٍ.

وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْحَدِّ التَّنْكِيلُ، وَقَدْ حَصَلَ، وَالْقِصَاصُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّمَاثُل وَأَنَّ الْحُدُودَ مَبْنِيَّةُ عَلَى التَّخْفِيفِ، وَأَنَّ الْيَسَارَ تُقْطَعُ فِي السَّرِقَةِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، وَلَا تُقْطَعُ فِي الْقِصَاصِ عَنْ الْيَمِينِ بِحَالٍ.

[فَرْعٌ: صُوَرٌ لَا يُعْذَرَ فِيهَا بِالْجَهْلِ]

فَرْعٌ:

" خَرَجَ عَنْ هَذَا الْقِسْمِ صُوَرٌ، لَمْ يُعْذَرَ فِيهَا بِالْجَهْلِ " مِنْهَا: مَا إذَا بَادَرَ أَحَدُ الْأَوْلِيَاءِ، فَقَتَلَ الْجَانِي بَعْدَ عَفْوِ بَعْضِ الْأَوْلِيَاءِ، جَاهِلًا بِهِ فَإِنَّ الْأَظْهَرَ وُجُوبُ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِالِانْفِرَادِ.

وَمِنْهَا: إذَا قَتَلَ مَنْ عَلِمَهُ مُرْتَدًّا أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يَسْلَمْ، فَالْمَذْهَبُ: وُجُوبُ الْقِصَاصِ لِأَنَّ ظَنَّ الرِّدَّةِ لَا يُفِيدُ إبَاحَةَ الْقَتْلِ، فَإِنَّ قَتْلَ الْمُرْتَدَّ إلَى الْإِمَامِ، لَا إلَى الْآحَادِ.

وَمِنْهَا: مَا إذَا قَتَلَ مَنْ عَهِدَهُ ذِمِّيًّا أَوْ عَبْدًا، وَجَهِلَ إسْلَامَهُ وَحُرِّيَّتَهُ فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ الْقِصَاصِ ; لِأَنَّ جَهْلَ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ لَا يُبِيحُ الْقَتْلَ.

وَمِنْهَا: مَا إذَا قَتَلَ مَنْ ظَنَّهُ قَاتِلَ أَبِيهِ، فَبَانَ خِلَافُهُ، فَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ الْقِصَاص ; لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ حَقِّهِ التَّثَبُّتُ.

وَمِنْهَا: مَا إذَا ضَرَبَ مَرِيضًا جَهِلَ مَرَضَهُ ضَرْبًا يَقْتُلُ الْمَرِيضَ دُونَ الصَّحِيحِ فَمَاتَ فَالْأَصَحُّ: وُجُوبُ الْقِصَاصِ ; لِأَنَّ جَهْلَ الْمَرَضِ لَا يُبِيحُ الضَّرْبَ.

وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ: أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ الضَّرْبُ، أَمَّا مَنْ يَجُوزُ لَهُ لِلتَّأْدِيبِ، فَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ قَطْعًا، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْوَسِيطِ وَخَرَجَ عَنْهُ صُوَرٌ عُذِرَ فِيهَا بِالْجَهْلِ. حَتَّى فِي الضَّمَانِ.

مِنْهَا: مَا إذَا قَتَلَ مُسْلِمًا بِدَارِ الْحَرْبِ، ظَانًّا كُفْرَهُ، فَلَا قِصَاصَ قَطْعًا، وَلَا دِيَةَ فِي الْأَظْهَرِ.

وَمِنْهَا: إذَا رَمَى إلَى مُسْلِمٍ تَتَرَّسَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ فَإِنْ عَلِمَ إسْلَامَهُ: وَجَبَتْ الدِّيَةُ وَإِلَّا فَلَا

وَمِنْهَا: إذَا أَمَرَ السُّلْطَانُ رَجُلًا بِقَتْلِ رَجُلٍ ظُلْمًا، وَالْمَأْمُورُ لَا يَعْلَمُ، فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ وَلَا دِيَةَ، وَلَا كَفَّارَةَ.

وَمِنْهَا: إذَا قَتَلَ الْحَامِلَ فِي الْقِصَاصِ ; فَانْفَصَلَ الْجَنِينُ مَيِّتًا، فَفِيهِ غُرَّةٌ وَكَفَّارَةٌ. أَوْ حَيًّا فَمَاتَ، فَدِيَةٌ، ثُمَّ إذَا اسْتَقَلَّ الْوَلِيُّ بِالِاسْتِيفَاءِ، فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ. وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ، فَإِنْ عَلِمَا أَوْ جَهِلَا أَوْ عَلِمَ الْإِمَامُ دُونَ الْوَلِيِّ، اخْتَصَّ الضَّمَانُ بِالْإِمَامِ عَلَى الصَّحِيحِ ; لِأَنَّ الْبَحْثَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْآمِر بِهِ.

<<  <   >  >>