للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السَّابِعَ عَشَرَ: الْجُنُونُ يَقْتَضِي الْحَجْرَ، وَأَمَّا الْإِغْمَاءُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِثْلُهُ، كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ.

الثَّامِنَ عَشَرَ: يَشْتَرِكُ الثَّلَاثَةُ فِي عَدَمِ صِحَّةِ مُبَاشَرَةِ الْعِبَادَةِ وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَجَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ مِنْ الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ، وَفِي غَرَامَةِ الْمُتْلَفَاتِ وَأُرُوشِ الْجِنَايَاتِ.

التَّاسِعَ عَشَرَ: لَا يَنْقَطِعُ خِيَارُ الْمَجْلِس بِالْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِلنَّوْمِ.

الْعِشْرُونَ: لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَكَلَّمَتْهُ وَهُوَ نَائِمٌ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ هَذَتْ بِكَلَامِهِ فِي نَوْمِهَا وَإِغْمَائِهَا، أَوْ كَلَّمَتْهُ وَهُوَ مَجْنُونٌ طَلُقَتْ أَوْ وَهِيَ مَجْنُونَةٌ ; قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: لَا تَطْلُقُ، وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: تَطْلُقُ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَالظَّاهِرُ تَخْرِيجُهُ عَلَى حِنْثِ النَّاسِي.

الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ: لَوْ وَطِئَ الْمَجْنُونُ زَوْجَةَ ابْنِهِ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ، قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ.

الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: ذَهَبَ الْقَاضِي وَالْفُورَانِيُّ إلَى أَنَّ الْمَجْنُونَ لَا يَتَزَوَّجَ الْأَمَةَ ; لِأَنَّهُ لَا يُخَافُ مِنْ وَطْءٍ يُوجِبُ الْحَدّ وَالْإِثْمَ، وَلَكِنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهُ، كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ لِابْنِ الْوَكِيلِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى أَنَّ الْمَجْنُونَ لَا يُزَوَّجُ مِنْهُ أَمَةٌ.

[فَرْعٌ: يُسَنُّ إيقَاظُ النَّائِمِ لِلصَّلَاةِ]

فَرْعٌ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: يُسَنُّ إيقَاظُ النَّائِمِ لِلصَّلَاةِ، لَا سِيَّمَا إنْ ضَاقَ وَقْتُهَا. وَقَالَ السُّبْكِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ: إذَا دَخَلَ عَلَى الْمُكَلَّفِ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَتَمَكَّنَ مِنْ فِعْلِهَا وَأَرَادَ أَنْ يَنَامَ قَبْلَ فِعْلِهَا، فَإِنْ وَثِقَ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ يَسْتَيْقِظُ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ بِمَا يُمَكِّنهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ جَازَ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ وَلَكِنْ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ الْوَقْتِ قَصْدَ أَنْ يَنَامَ، فَإِنْ نَامَ حَيْثُ لَمْ يَثِقْ مِنْ نَفْسِهِ بِالِاسْتِيقَاظِ أَثِمَ إثْمَيْنِ ; أَحَدُهُمَا إثْمُ تَرْكِ الصَّلَاةِ، وَالثَّانِي إثْمُ التَّسَبُّبِ إلَيْهِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِنَا: يَأْثَمُ بِالنَّوْمِ.

وَإِنْ اسْتَيْقَظَ عَلَى خِلَافِ ظَنِّهِ ; وَصَلَّى فِي الْوَقْتِ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ إثْمُ تَرْكِ الصَّلَاةِ وَأَمَّا ذَلِكَ الْإِثْمُ الَّذِي حَصَلَ، فَلَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِالِاسْتِغْفَارِ.

وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَنَامَ قَبْلَ الْوَقْتِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ نَوْمَهُ يَسْتَغْرِقُ الْوَقْتَ، لَمْ يَمْتَنِعْ عَلَيْهِ ذَلِكَ ; لِأَنَّ التَّكْلِيفَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ بَعْدُ، وَيَشْهَدُ لَهُ مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «أَنَّ امْرَأَةً عَابَتْ زَوْجَهَا بِأَنَّهُ يَنَامُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَلَا يُصَلِّي الصُّبْحَ إلَّا ذَلِكَ الْوَقْتَ فَقَالَ: إنَّا أَهْلُ بَيْتٍ مَعْرُوفٌ لَنَا ذَلِكَ - أَيْ يَنَامُونَ مِنْ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ - فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذَا اسْتَيْقَظْت فَصَلِّ» .

<<  <   >  >>