للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَلَى الْوَارِثِ بِحَقِّهِ مُبْهَمًا، وَالْقَاضِي يَقْضِي لَهُ بِمَذْهَبِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لَهُ أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ وَكُلُّ مَا فِيهِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ فِي غَيْرِ الْجِنَايَاتِ. يُسْتَفَادُ حُكْمُهُ مِمَّا سَبَقَ. وَكُلُّ مَا فِيهِ أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ مِنْ غَيْرِ مَا ذُكِرَ يُسْتَفَادُ حُكْمُهُ مِمَّا ذُكِرَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

وَقَالَ الْغَزِّيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ: الدَّعْوَى بِالْمَجْهُولِ تَصِحُّ فِي مَسَائِلَ: مِنْهَا: كُلُّ مَا كَانَ الْمَطْلُوبُ فِيهِ مَوْقُوفًا عَلَى تَقْدِيرِ الْقَاضِي، فَإِنَّ الدَّعْوَى بِالْمَجْهُولِ تُسْمَعُ فِيهِ كَالْمُفَوِّضَةِ تَطْلُبُ الْفَرْضَ وَالْوَاهِبِ يَطْلُبُ الثَّوَابَ إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِهِ. وَمِنْهَا: الْحُكُومَاتُ وَالْمُتْعَةُ وَدَعْوَى الْكِسْوَةِ وَالنَّفَقَةِ، وَالْأُدْمِ مِنْ الزَّوْجَةِ وَالْقَرِيبِ. وَمِنْهَا: الْوَصِيَّةُ وَالْإِقْرَارُ. وَمِنْهَا: مَا ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ: أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِالْمَجْهُولِ إلَّا الْإِقْرَارَ فَالْغَصْبُ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ ثَوْبًا مَثَلًا.

وَمِنْهَا: دَعْوَى الْمَهْرِ عَلَى مَا صَحَّحَهُ الْهَرَوِيُّ وَجَزَمَ بِهِ شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الثَّقَفِيُّ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ قَدْرِهِ. قَالَ الْغَزِّيُّ: وَقَدْ يُقَالُ: إنْ كَانَ الْمُرُورُ مُسْتَحَقًّا فِي الْأَرْضِ مِنْ كُلِّ جَوَانِبِهَا فَالْأَمْرُ كَمَا قَالَ الْهَرَوِيُّ وَإِنْ كَانَ حَقًّا مُنْحَصِرًا فِي جِهَةٍ مِنْ الْأَرْضِ وَهُوَ قَدْرٌ مَعْلُومٌ، فَيَتَّجِهُ مَا قَالَهُ الثَّقَفِيُّ وَمِنْهَا: قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ إذَا ادَّعَى إبِلًا فِي دِيَةٍ، أَوْ جَنِينًا فِي غُرَّةٍ لَمْ يُشْتَرَطْ ذِكْرُ وَصْفِهَا لِأَنَّ أَوْصَافَهَا مُسْتَحَقَّةٌ شَرْعًا.

وَمِنْهَا: ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْوَصَايَا: أَنَّهُ لَوْ بَلَغَ الطِّفْلُ وَادَّعَى عَلَى وَلِيِّهِ الْإِسْرَافَ فِي النَّفَقَةِ وَلَمْ يُعَيِّنْ قَدْرًا فَإِنَّ الْوَلِيَّ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ.

وَظَاهِرُ سَمَاعِ هَذِهِ الدَّعْوَى الْمَجْهُولَةِ لَكِنَّهُ قَالَ فِي الْمُسَاقَاةِ: إذَا ادَّعَى الْمَالِكُ خِيَانَةَ الْعَامِلِ فَإِنْ بَيَّنَ قَدْرَ مَا خَانَ بِهِ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ وَصُدِّقَ الْعَامِلُ بِيَمِينِهِ، وَإِلَّا فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى لِلْجَهَالَةِ انْتَهَى قَالَ الْغَزِّيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا.

[قَاعِدَةٌ: إذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي]

إذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي وَلَا يُحْكَمُ بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ إلَّا فِي صُوَرٍ مِنْهَا: إذَا طَلَبَ السَّاعِي الزَّكَاةَ مِنْ الْمَالِكِ فَادَّعَى أَنَّهُ بَادَرَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْل، وَاتَّهَمَهُ السَّاعِي: يُحَلِّفُهُ، نَدْبًا، وَقِيلَ: وُجُوبًا، فَعَلَى هَذَا إذَا نَكَلَ، وَالْمُسْتَحِقُّ غَيْرُ مَحْصُورٍ أُخِذَتْ مِنْهُ الزَّكَاةُ وَلَا يَحْلِفُ السَّاعِي وَلَا الْإِمَامُ وَمِنْهَا: " الذِّمِّيُّ إذَا غَابَ وَعَادَ مُسْلِمًا وَادَّعَى أَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ السَّنَةِ وَأَنْكَرَ عَامِلُ الْجِزْيَةِ فَفِيهِ مَا فِي السَّاعِي.

<<  <   >  >>