للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: بل كان يتصدق على أهل ذلك الطريق في ذهابه، ثم يرجع في أخرى؛ ليتصدق على أهله في رجوعه.

وقيل: أراد: ليشرف أهل الطريق الأول برؤيته، ويرجع في أخرى؛ ليُشرف أهلها، فيساوي بين أهل الطريقين.

وقيل: أراد: ليشهد له الطريقان.

وقيل: أراد: ليسأله أهل الطريقين عن الحلال والحرام.

وقيل: إنه كان يقصد بذلك غيظ المنافقين.

وقيل: إنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يتوقى كيد المنافقين؛ لئلا يرصد في الطريق الأول.

وقيل: إنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قصد به الفأل في تغيير الحال على نفسه، رجاء أن يغير الله تعالى على الأمة حالها إلى الأجر والثواب، كما حول رداءه في الاستسقاء.

وقيل: إنه كان يخرج في طريقٍ، فيخرج معه خلق كثير، فتكثر الزحمة، فإذا أراد الرجوع، انتظره الناس على ذلك الطريق؛ لكي يرجعوا معه، فكان يرجع في طريق أخرى، ويعدل عن الأول؛ لكي لا تكثر الزحمة، فيتأذى الناس بالازدحام.

قال الشيخ أبو حامد: ويشبه أن يكون هذا بعد الأول أشبه؛ لما روى ابن عمر: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يخرج إلى صلاة العيدين من طريق، ويرجع من أخرى» ؛ لكي لا يكثر الزحام.

إذا ثبت هذا في النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فما حكم غيره من الناس؟ قال الشافعي: (أُحب ذلك للإمام والمأموم) .

واختلف أصحابنا فيه:

فقال أبو إسحاق: إن لم يعلم المعنى الذي كان يفعله النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأجله ... اقتدى به، اتباعًا للسنة، وإن علم المعنى الذي فعله لأجله، فإن كان موجودًا

فعل كفعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وإن لم يكن موجودًا ... لم يفعل.

قال أبو علي بن أبي هريرة: يفعل كفعله ذلك، سواء علم المعنى الذي فعله

<<  <  ج: ص:  >  >>