للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني ـ وهو قول أبي علي بن أبي هريرة ـ: أنه يجوز له أن يأخذ الكل من مال أحدهما بكل حالٍ؛ لأنه كالمال الواحد.

قال الشيخ أبو حامد: وهذا أشبه بمذهب الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -، والأول أقيسُ.

فإذا أخذ الساعي الزكاة من غير زيادةٍ من مالِ أحدهما.. رجع على خليطه من قيمة المأخوذ بقدر ماله من المال الذي وجبت فيه الزكاة عليهما، فإن اتفقا على قيمة المأخوذ.. فلا كلام، وإن اختلفا، فإن كان للمأخوذ منه بينةٌ بقيمة ما أُخذ منه.. عمل بها، وإن لم يكن له بينةٌ.. فالقولُ قول المرجوع عليه مع يمينه؛ لأنه غارمٌ.

وإن أخذ الساعي من أحدهما أكثر من الفرض بغير تأويل، بأن أخذ من الأربعين شاتين، أو أخذ شاة ربى، أو ماخضًا، أو فحل الغنم، أو سنًا أكبر من سن الفرض.. يرجع المأخوذ منه على خليطه بحصته من قيمة الواجب، لا من الزيادة، مثل: أن يأخذ منه ابنة لبون مكان ابنة مخاضٍ، فإنه يرجع عليه من قيمة ابنة مخاضٍ؛ لأن الساعي ظلمه، فلا يرجع على غير من ظلمه.

وهكذا: لو تطوع أحدهما بتسليم ذلك.. لم يرجع على خليطه إلا من قدر الواجب لا غير؛ لأنه متطوعٌ بالزيادة.

وإن أخذ الساعي من أحدهما أكثر من الواجب بتأويلٍ، بأن أخذ الكبيرة عن الصغار، أو الصحيحة عن المراض على قول مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -.. رجع المأخوذ منه على خليطه من قيمة ما أخذ منه؛ لئلا يؤدي إلى نقض اجتهاد الإمام.

فإن أخذ من أحدهما قيمة الفرض على مذهب أبي حنيفة.. فهل يرجع على خليطه منهما؟ فيه وجهان:

أحدهما ـ وهو قول أبي إسحاق ـ: أنه لا يرجع عليه بشيء؛ لأن القيمة لا تجزئ عندنا.

والثاني ـ وهو المنصوص في " الأم ": (أنه يرجع عليه بحصته من القيمة) ؛ لأنه أخذه باجتهاده، فأشبه إذا أخذ الكبيرة عن الصغار.

<<  <  ج: ص:  >  >>