للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وظاهر كلامه يدل على: أنه تلزمه صلاة الفرض في المسجد الذي عينه بالنذر إن كانت فيه جماعة، وله أن يسقط ذلك بأن يصلي مع جماعة أكثر منها.

فإن قيل: أليس لو نذر الصوم في يوم بعينه لم يجز له أن يصوم في غيره؟ فكيف جاز إذا نذر الصلاة في مسجد غير المساجد الثلاثة أن يصلي في غيره؟

فالجواب: أن النذر مردود إلى أصل الشرع، وقد وجب الصوم بالشرع في زمان بعينه، فلذلك تعين بالنذر، وليس كذلك الصلاة؟ فإنها لم تتعين بالشرع في مكان بعينه، فلذلك لم تتعين بالنذر.

وإن نذر أن يصلي في المسجد الحرام لزمه أن يصلي فيه، فإن صلى في غيره لم يجزه عن النذر.

وقال أبو حنيفة: (يجوز أن يصلي في غيره) .

دليلنا: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صلاة في المسجد الحرام: تعدل مائة ألف صلاة في غيره من المساجد» فلا يجوز أن يسقط نذره بالصلاة فيه في غيره.

وإن نذر أن يصلي في مسجد المدينة، أو في المسجد الأقصى فهل يتعينان بالنذر؟ فيه قولان:

أحدهما: لا يتعينان بالنذر؛ لأنه مسجد لا يجب قصده بالنسك، فلم يتعين بنذر الصلاة فيه، كسائر المساجد.

فعلى هذا: يصلي في أي موضع شاء.

والثاني: يتعينان؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى» .

فعلى هذا: إذا نذر الصلاة فيهما فصلى في المسجد الحرام سقط نذره لأن الصلاة فيه أفضل من الصلاة فيهما.

فإن صلى في مسجد المدينة ما نذر أن يصلي في المسجد الأقصى أجزأه لما روي: «أن رجلا قال: يا رسول الله إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس ركعتين، فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " صل هاهنا "، فأعادها عليه ثلاثا، وهو يقول

<<  <  ج: ص:  >  >>