للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: ما قال بعض أهل اللغة: إن العرية: هي النخلة التي عليها ثمرةٌ أرطبت، سميت: عرية؛ لأن الناس يعرونها لتلتقط الثمرة منها، يقال: عريت الرجل: إذا قصدته لتستميحه. ومنه قول النابغة:

أتيتك عاريا خلقا ثيابي ... على عجل تظن بي الظنون

إذا ثبت هذا: فإن العرايا تصح للفقراء، بلا خلاف على المذهب، وهل تصح للأغنياء؟ فيه قولان:

أحدهما: لا يجوز، وهو اختيار المزني، وبه قال أحمد؛ لما روي «عن محمود بن لبيد: (أنه قال: قلت لزيد بن ثابت - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: ما عراياكم هذه؟ فسمَّى رجالا محتاجين من الأنصار شكوا إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أن الرطب يأتي، ولا نقد عندهم يبتاعون به رطبا يأكلونه مع الناس، وعندهم فضول من قوتهم من التمر، فرخص لهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يبتاعوا العرايا بخرصها من التمر الذي في أيديهم، يأكلونها رطبا مع الناس» .

والثاني: يجوز، وهو الصحيح؛ لما روى سهل بن أبي حثمة: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن بيع التمر بالتمر، إلا أنه أرخص في العرايا أن تباع بخرصها تمرًا، يأكلها أهلها رطبًا» . ولم يفرق بين الأغنياء والفقراء، ولأن كل بيع جاز للفقراء.. جاز للأغنياء، كسائر المبيعات.

<<  <  ج: ص:  >  >>