للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجع عليه، وإن قضاه قبل حلول الحق.. لم يرجع على المحيل قبل محل الدين؛ لأنه متطوع بالتقديم. فإن اختلف المحيل والمحال عليه، فقال المحال عليه: أحلت علي، ولا حق لك علي، وأنا أستحق الرجوع عليك؛ لأني قضيت بإذنك. وقال المحيل: بل أحلت بحق لي عليك.. فالقول قول المحال عليه مع يمينه؛ لأن الأصل براءة ذمته من الدين.

[مسألة: صحة الحوالة برضا المحتال]

] : ولا تصح الحوالة إلا برضا المحتال، وبه قال كافة أهل العلم.

وقال داود، وأهل الظاهر: (لا يعتبر رضاه، إذا كان المحال عليه مليئا؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا أحيل أحدكم على مليء.. فليحتل» . وهذا أمر، والأمر يقتضي الوجوب) .

دليلنا: أن الحق قد تعلق بذمة المحيل، فلا يملك نقله إلى غير ذمته بغير رضا من له الحق، كما لو تعلق الحق بعين.. فليس له أن ينقله إلى عين أخرى بغير رضا من له الحق. وأما الخبر: فمحمول على الاستحباب.

وأما المحيل: فإن البغداديين من أصحابنا قالوا: يعتبر رضاه؛ لأن الحق عليه، فلا تتعين عليه جهة قضائه، كما لو كان له دراهم في كيسه.. فليس لصاحب الحق أن يطالب بإجباره على أن يقضيه حقه من كيس معين.

وأما الخراسانيون: فقالوا: هل يعتبر رضا المحيل؟ فيه وجهان، وصورتها: أن يقول المحال عليه لرجل: أحلتك على نفسي بالحق الذي لك على فلان. فإذا قال: قبلت.. فهل يصح؟ على الوجهين، بناء على الوجهين فيما لو قال: ضمنت عنه بشرط أن يبرئه.

وعندي: أن هذين الوجهين إنما يتصوران في المحال عليه إذا لم يكن عليه حق للمحيل، وقلنا: تصح الحوالة على من لا حق عليه برضاه، فأما إذا كان للمحيل على المحال عليه حق.. فلا يصح بغير رضا المحيل، وجها واحدا.

<<  <  ج: ص:  >  >>