للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرض، وقيم المتلفات، فهذا يصح ضمانه؛ لأنه دين لازم مستقر.

الضرب الثاني: دين لازم غير مستقر، كالمهر قبل الدخول، وثمن المبيع قبل قبض المبيع، والأجرة قبل انقضاء الإجارة، ودين السلم، فهذا يصح ضمانه أيضا.

وقال أحمد في إحدى الروايتين: (لا يصح ضمان المسلم فيه؛ لأنه يؤدي إلى استيفاء المسلم فيه من غير المسلم عليه، فهو كالحوالة) .

ودليلنا: أنه دين لازم، فصح ضمانه، كالمهر بعد الدخول.

الضرب الثالث: دين ليس بلازم، ولا يئول إلى اللزوم، وهو دين الكتابة، فلا يصح ضمانه؛ لأن المكاتب يملك إسقاطه، بأن يعجز نفسه، فلا معنى لضمانه، ولأن ذمة الضامن فرع لذمة المضمون عنه، فإذا لم يلزم الأصل.. لم يلزم الفرع، ومن حكم الضمان أن يكون لازما.

وإن كان على المكاتب دين لأجنبي.. صح ضمانه؛ لأنه دين لازم عليه، وإن كان عليه لسيده دين من جهة غير جهة الكتابة.. فهل يصح ضمانه؟ فيه وجهان:

أحدهما: يصح ضمانه؛ لأنه يجبر على أدائه.

والثاني: لا يصح ضمانه؛ لأنه قد يعجز نفسه، فيسقط ما في ذمته لسيده. وأصلهما الوجهان، هل يستدام ثبوت الدين في ذمته لسيده بعد أن يصير ملكا له؟ فيه وجهان.

فإن قلنا: يستدام ثبوته.. صح ضمانه. وإن قلنا: لا يستدام ثبوته.. لم يصح ضمانه.

الضرب الرابع: دين غير لازم، إلا أنه يئول إلى اللزوم، وهو مال الجعالة قبل العمل، بأن يقول: من رد عبدي.. فله دينار، فإذا ضمن عنه غيره ذلك قبل رد العبد.. هل يصح؟ فيه وجهان:

أحدهما: يصح؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: ٧٢] [يوسف: ٧٢] . فضمن المنادي مال الجعالة، وحمل البعير معلوم.

والثاني: لا يصح؛ لأنه دين غير لازم، فلا يصح ضمانه، كمال الكتابة.

<<  <  ج: ص:  >  >>