للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنه ضمن عنه بغير إذنه، وقضى عنه بغير أمره، فلم يرجع عليه، كما لو علف دوابه، أو أطعم عبيده.

الثالثة: إذا ضمن بغير إذنه، وقضى بإذنه.. فهل يرجع عليه؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا يرجع عليه، وهو المذهب؛ لأنه لزمه بغير إذنه، وأمره بالقضاء انصرف إلى ما وجب عليه بالضمان.

والثاني: يرجع عليه؛ لأنه أدى عنه بأمره، فرجع عليه، كما لو ضمن عنه بإذنه. وأصل هذين الوجهين: من قال لغيره: اقض عني ديني، وقضى عنه.. فهل له أن يرجع عليه؟ فيه وجهان.

قال المسعودي [في " الإبانة " ق \ ٢٨٦] ، والصيمري: إلا أن الأصح هاهنا: أن يرجع، والأصح في الأولى: أن لا يرجع، والفرق بينهما: أن في الضمان وجب في ذمته بغير إذنه، وفي القضاء لم يتعلق الحق بذمته، بل حصل القضاء بإذنه.

وإن قال: اقض الدين، ولم يقل عني، فإن قلنا في التي قبلها: لا يرجع عليه.. فهاهنا أولى أن لا يرجع عليه. وإن قلنا هناك: يرجع.. فهاهنا فيه وجهان، حكاهما الصيمري، الصحيح أنه لا يرجع.

وإن قال: اقض عني ديني لترجع علي، فقضى عنه.. رجع عليه، وجها واحدا؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «المؤمنون عند شروطهم» .

وإن قال: اقض عن فلان دينه، فقضى عنه.. قال المسعودي [في " الإبانة " ق \ ٢٨٦] : لم يرجع عليه، وجها واحدا؛ لأنه لا غرض له في ذلك.

المسألة الرابعة: إذا ضمن عنه بأمره، وقضى بغير إذنه.. فهل له أن يرجع عليه؟ فيه ثلاثة أوجه، حكاها الشيخ أبو حامد:

أحدها: يرجع عليه، وهو المذهب؛ لأنه دين لزمه بإذنه، فرجع عليه، كما لو ضمن بإذنه، وقضى بإذنه.

والثاني: لا يرجع عليه؛ لأنه أسقط الدين عنه بغير إذنه، فلم يرجع عليه، كما لو ضمن بغير إذنه، وقضى بغير إذنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>