للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن جنى العبد وهو يد سيده على رجل جناية تستغرق قيمته، ثم غصبه غاصب، فجنى على آخر جناية تستغرق قيمته، فاسترد العبد من الغاصب، وطلب المجني عليهما الفداء، فسلم العبد للبيع، وبيع.. فإن ثمنه يقسم بين المجني عليهما نصفين؛ لتساوي حقيهما، وللسيد أن يرجع على الغاصب بالنصف الذي أخذه المجني عليه في يد الغاصب؛ لأنه انتزع من السيد بسبب كان في يد الغاصب، فلزمه ضمانه، فإذا أخذه السيد من الغاصب.. قال ابن الحداد: فللمجني عليه الأول أن يأخذه من السيد دون المجني عليه الثاني.

قال القاضي أبو الطيب: ووجهه: أن حق المجني عليه الأول تعلق بجميع الرقبة، وحق المجني عليه ثانياً لم يتعلق إلا بالنصف.

قال ابن الصباغ: وما ذكره القاضي لا معنى له؛ لأن حق الثاني تعلق أيضاً بجميع الرقبة، ألا ترى أن الأول لو أبرأه.. لاستحق الثاني جميع القيمة؟ قال: وإنما وجه ذلك عندي: أن الذي يأخذه السيد من الغاصب إنما هو عوض عما أخذه منه المجني عليه الثاني، فلا يتعلق به حقه، ويتعلق به حق الأول؛ لأنه بدل عن قيمة الجاني لا يزاحم فيه.

وإذا أخذه الأول من السيد.. لم يكن للسيد أن يرجع به على الغاصب؛ لأن استحقاقه بجناية كانت في يده لا في يد الغاصب، وهكذا: لو مات العبد في يد الغاصب.. وجبت عليه قيمته، وتقسم القيمة بين المجني عليهما، ويرجع المغصوب منه على الغاصب بنصف القيمة التي أخذها منه المجني عليه الثاني، ويكون ذلك للمجني عليه الأول دون الثاني، ولا يرجع السيد بذلك على الغاصب؛ لما ذكرناه.

ولو جنى العبد المغصوب في يد الغاصب على رجل، ثم قتل هذا العبد عبداً آخر عمداً.. فلسيد العبد المغصوب أن يقتص من العبد الذي قتل عبده، وليس للمجني عليه أن يمنعه من ذلك، كما قلنا في العبد المرهون إذا قتل، فإن عفا على مال، أو كانت الجناية خطأ.. تعلق حق المجني عليه بقيمة العبد؛ لأنها قائمة مقامه، فإذا أخذ

<<  <  ج: ص:  >  >>