للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإجارة؛ لأن جملة الصبرة معلومة، وأجزاء الأجرة معلومة، بخلاف ما لو قال: أجرتك هذه الدار: كل شهر بدرهم.. فإنه لا يصح؛ لأنه ليس للشهور غاية تنتهي إليها، ولقفزان الصبرة حد يعلم بالتفصيل.

وإن قال: استأجرتك لتحمل لي هذه الصبرة كل عشرة أقفزة بعشرة دراهم، وما زاد فبحساب ذلك.. صحت الإجارة؛ لأن أجزاء الأجرة قد علمت، وأن كل قفيز في مقابله درهم، وما زاد بحساب ذلك، فهو كما لو قال: لتحمل لي هذه الصبرة كل قفيز بدرهم، فإن قال: استأجرتك لتحمل لي من هذه الصبرة كل قفيز بدرهم.. لم تصح؛ لأن (من) للتبعيض، ولا يدري كم يحمل منها؟

إذا ثبت هذا: فإن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - قال: (ولو اكترى حمل مكيلة، وما زاد فبحسابه.. فهو في المكيلة جائز، وفي الزيادة فاسد، وله أجرة مثله) . واختلف أصحابنا في تأويلها.

فقال أبو إسحاق المروزي: تأويلها: هو أن يقول: استأجرتك لتحمل لي هذه الصبرة كل قفيز بدرهم، وتحمل لي صبرة أخرى - لم يشاهدها الأجير - بهذا الحساب، أي: ما زاد على الصبرة المشاهدة فبحسابها.. فتصح الإجارة في المشاهدة، وتبطل في التي لم يرها، ولا يكون في الحاضرة قولان؛ لأنهما صفقتان، فلا تبطل إحداهما لبطلان الأخرى. ولو قال: استأجرتك لتحمل لي هذه الصبرة والصبرة الأخرى كل قفيز بدرهم.. لبطل العقد في الغائبة، وفي الحاضرة قولان.

ومنهم من قال: تأويلها: أن يقول: استأجرتك لتحمل لي هذه الصبرة - وهي عشرة أقفزة - كل قفيز بدرهم، وما زاد فبحساب ذلك.. فتصح في العشرة؛ لأنها متحققة، ولا تصح في الزيادة؛ لأنها مبهمة الوجود.

ومنهم من قال: تأويلها: أن تكون له صبرة حاضرة، فقال: استأجرتك لتحمل هذه الصبرة كل قفيز بدرهم، فإن قدم لي طعام فحملته فبحساب ذلك.. فتصح في

<<  <  ج: ص:  >  >>