للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودليلنا أنهما عطيتان منجزتان، لو انفردت كل واحدة.. للزمت. فإذا اجتمعتا ولم يحتملهما الثلث.. قدمت الأولى منهما، كما لو حابى أولا، ثم أعتق.

فقولنا: (منجزتان) احتراز مما لو كانتا مؤخرتين، أو إحداهما منجزة والأخرى مؤخرة.

وقولنا: (لو انفردت كل واحدة للزمت) احتراز من البيع الفاسد. وما ذكروه من الإقرار بالدين بعد العتق، فإن الدين لم يجب بالإقرار، وإنما وجوبه متقدم على العتق، فلذلك قدم على العتق.

وإن كانت التبرعات مؤخرة - وهو: ما يوصي أن يفعله عنه بعد موته، من عتق وكتابة ومحاباة وهبة وصدقة وما أشبه ذلك - نظرت:

فإن كانت وصاياه بجنس واحد، ولم يحتملها الثلث، فإن كانت عتقا.. أقرع بين الجميع؛ لأن القصد تكميل الأحكام بالعتق، وذلك لا يحصل إلا بعتق جميع الرقبة. وإن كانت محاباة أو هبة أو صدقة.. قسم الثلث بين الجميع، سواء وقعت متفرقة أو في وقت واحد؛ لتساوي الجميع في وقت اللزوم، وهو عند الموت.

وإن كانت وصاياه بأجناس، فإن لم يكن معها عتق.. قسم الثلث بين الجميع؛ لما ذكرناه. وإن كان معها عتق، بأن أوصى بمحاباة وهبة وعتق.. ففيه قولان:

أحدهما: يقسط الثلث بين الجميع بالحصص؛ لتساوي الجميع في وقت اللزوم.

والثاني: يقدم العتق على غيره؛ لأن له مزية في السراية.

وإن أوصى بمحاباة وهبة وتفرقة شيء من ماله على المساكين، وعجز الثلث عن جميع ذلك:

فقال البغداديون من أصحابنا: يقسط الثلث بين الجميع على الحصص قولا واحدا؛ لأنه لا مزية لبعضها على بعض.

<<  <  ج: ص:  >  >>