للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وكل معتدة حل للزوج التعريض بخطبتها.. حل لها التعريض بإجابته، وكل من لا يحل له التعريض بخطبتها والتصريح.. لم يحل لها إجابته بتعريض ولا بتصريح؛ لأنه لا يحل له ما يحرم عليها، ولا يحل لها ما يحرم عليه فتساويا) .

إذا ثبت هذا: فـ (التصريح) : ما لا يحتمل غير النكاح، مثل أن يقول: أنا أريد أن أتزوجك، أو: إذا انقضت عدتك تزوجتك.

و (التعريض) : كل كلام احتمل النكاح وغيره، مثل أن يقول: رب راغب فيك، رب حريص عليك، رب متطلع إليك، وأنت جميلة، أنت فائقة، أنت مرغوب فيك، " لا تسبقيني بنفسك "، كقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لفاطمة بنت قيس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -. وروي: أن رجلا مات، فتبعت امرأته جنازته، فقال لها رجل: لا تسبقيني بنفسك، فقالت له: سبقك غيرك.

فإن قال: أنا راغب فيك، أو حريص عليك، أو أنا متطلع إليك، أو إذا حللت فآذنيني.. كان ذلك كله تعريضا؛ لأنه يمكن أن يريد به: أنا راغب فيك، أو أنا متطلع إليك، أو إذا حللت فآذنيني لأشير عليك بمن تتزوجين؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يرد بقوله لفاطمة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: " فآذنيني " و: " لا تسبقيني بنفسك ": الخطبة لنفسه، وإنما أراد: فآذنيني لأشير عليك بمن تتزوجين. وكذلك لو قال: رب راغب في نكاحك، وأبهم الخاطب.. كان تعريضا

وكذلك لو قال: إن الله ليسوق إليك خيرا، أو رزقا.. كان ذلك تعريضا. هذا مذهبنا

وقال داود لا تحل له الخطبة سرا، وإنما تحل له علانية؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} [البقرة: ٢٣٥] الآية " (البقرة: ٢٣٥)

وهذا ليس بصحيح؛ لأنه تعالى لم يرد بالسر ضد الجهر، وإنما أراد:

<<  <  ج: ص:  >  >>