للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا ثبت هذا: فإنه يفرق بينهما؛ لأن النكاح الفاسد لا يقر عليه. فإن كان لم يدخل بها.. فلا شيء عليه. وإن كان دخل بها.. وجب عليه لها المهر؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها.. فنكاحها باطل " إلى قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فإن مسها.. فلها المهر بما استحل من فرجها» ومن أين يستوفى؟ فيه قولان:

(أحدهما) : قال في القديم: (يتعلق برقبته فيباع فيه، إلا أن يختار السيد أن يفديه) ؛ لأنه كجنايته، وجنايته في رقبته.

و (الثاني) : قال في الجديد: (يتعلق في ذمته إلى أن يعتق) ؛ لأنه حق وجب برضا من له الحق، فهو كما لو استدان دينًا.

وإن أذن السيد لعبده بالنكاح فنكح نكاحًا فاسدًا.. فإنه يفرق بينهما. فإن كان لم يدخل بها.. فلا شيء عليه. وإن كان قد دخل بها.. وجب عليه المهر؛ لما ذكرناه في التي قبلها. وهل يتضمن إذن السيد النكاح الصحيح والفاسد؟ فيه قولان:

أحدهما: أن إذنه يتضمنهما؛ لأن النكاح الفاسد لما كان حكمه حكم الصحيح في وجوب المهر والعدة ولحوق النسب.. جاز أن يكون الإذن متضمنًا له كالصحيح.

فعلى هذا: يستوفى المهر هاهنا من حيث يستوفى المهر في النكاح الصحيح.

والثاني: أنه يتضمن الصحيح دون الفاسد، وهو الصحيح؛ لأن إطلاق الإذن يقتضي نكاحًا شرعيًا، والشرعي هو الصحيح دون الفاسد، كما لو وكل وكيلًا يبيع له شيئًا أو يبتاعه.. فإن إذنه لا يتضمن الفاسد. وأما وجوب المهر والعدة ولحوق النسب.. فإن ذلك من أحكام الوطء في النكاح لا من أحكام النكاح.

<<  <  ج: ص:  >  >>