للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الله تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} [الأنعام: ١٠٩] [الأنعام: ١٠٩] ، وقال تعالى: {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} [المائدة: ١٠٧] [المائدة: ١٠٧] .

فإن قال: لم أرد به اليمين، وإنما أردت بقولي: (أقسمت بالله) الخبر عن يمين ماضية، وبقولي: (أقسم بالله) الخبر عن يمين مستأنفة، فإن كان صادقا.. لم تلزمه كفارة بالمخالفة فيما بينه وبين الله، وأما في الحكم: فإن كان قد علم أنه تقدمت منه يمين في ذلك.. قبل قوله في قوله: (أقسمت بالله) قولا واحدا؛ لأنه يحتمل ما يدعيه، وهو أعلم بما أراد، ولا يجيء مثله في قوله: (أقسم) ، وإن لم يعلم منه يمين بالله في الماضي على ذلك.. فهل يقبل قوله في: (أقسمت) ، وفي قوله: (أقسم) ؟

قال الشافعي هاهنا: (يقبل منه) ، وقال في " الإملاء ": (لا يقبل منه) .

وهكذا قال في (الإيلاء) : (إذا قال: أقسمت بالله لا وطئتك، وقال: أردت به في زمان متقدم.. أنه لا يقبل) . واختلف أصحابنا فيها على ثلاث طرق:

فـ[أحدها] : منهم من قال: لا يقبل منه، قولا واحدا على ما نص عليه في " الإملاء "؛ لأن ما يدعيه خلاف الظاهر، وحيث قال الشافعي: (يقبل) أراد: فيما بينه وبين الله.

و [الطريق الثاني] : منهم من نقل جوابه في كل واحدة منهما إلى الأخرى، وخرجهما على قولين:

أحدهما: لا يقبل منه؛ لما ذكرناه.

والثاني: يقبل؛ لأن قوله: (أقسمت) يصلح للماضي حقيقة، وكذلك قوله: (أقسم) يصلح للمستقبل حقيقة، فإذا أراده.. قبل منه.

و [الطريق الثالث] : منهم من حملهما على ظاهرهما:

فحيث قال في " الإملاء ": (لا يقبل قوله) أراد بذلك على ما نص عليه في (الإيلاء) ؛ لأنه يتعلق به حق الزوجة، فلم يقبل قوله فيما يخالف الظاهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>