للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن بادر واحد منهم فقتله.. فقد استوفى حقه، وانتقل حق الباقين إلى الدية.

وحكى الخراسانيون من أصحابنا - أنه إذا قتل واحداً بعد واحد، وكان ولي الأول غائباً أو مجنوناً أو صغيراً - قولين:

أحدهما: يستوفي ولي الثاني.

والثاني: لا يستوفي، بل ينتظر حضور الغائب، وإفاقة المجنون، وبلوغ الصبي.

وإن قتل جماعة في قطع الطريق، وقلنا بالمشهور من المذهب: أنه يقتل بواحد في غير قطع الطريق.. فهاهنا وجهان وحكاهما الخراسانيون قولين:

أحدهما: حكمه حكم ما لو قتلهم في غير قطع الطريق؛ لما ذكرناه هناك.

والثاني: يقتل بالجميع، ولا شيء للباقين؛ لأنه يقتل حداً، بدليل: أنه لا يصح العفو عنه، وإن قطع عضواً من جماعة.. فحكمه حكم ما لو قتل جماعة، على ما مضى.

[مسألة قطع يد رجل وقتل غيره]

وإن قطع يد رجل، وقتل آخر.. قطعت يده للمقطوع، ثم قتل للمقتول، سواء تقدم قطع اليد أو تأخر، وبه قال أبو حنيفة، وأحمد.

وقال مالك: (يقتل للمقتول، ولا تقطع يده للمقطوع) .

دليلنا: قَوْله تَعَالَى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} [المائدة: ٤٥] الآية (المائدة: ٤٥) . فأخبر: أن النفس تؤخذ بالنفس، والطرف بالطرف، فمن قال غير هذا.. فقد خالف الآية.

ولأنهما جنايتان على شخصين، فلا تتداخلان، كما لو قطع يدي رجلين، وإنما

<<  <  ج: ص:  >  >>