للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فرع استحباب تعيين من يقيم الحدود]

ويستحب للإمام أن يقيم رجلاً يقيم الحدود، ويقتص للناس بإذنهم، ويرزقه من بيت المال، وهو خمس الخمس؛ لأنه للمصالح،

وهذا من المصالح،

فهو كأجرة الكيال والوزان في الأسواق، فإن لم يكن هناك شيء من سهم المصالح، أو كان ولكنه يحتاج إليه إلى ما هو أهم من ذلك.. كانت الأجرة على المقتص منه. هذا نقل البغداديين من أصحابنا.

وقال المسعودي [في " الإبانة "] : نص الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - على: (أن أجرة القصاص على المقتص منه) ، ونص: (أن أجرة الجلاد في بيت المال) . واختلف أصحابنا في ذلك:

فمنهم من قال: فيهما قولان:

أحدهما: تجب على المقتص منه وعلى المحدود؛ لأن الإيفاء حق عليه.

والثاني: تجب أجرة القصاص على المقتص له، وأجرة الجلاد في بيت المال، وهو قول أبي حنيفة؛ لأنه استيفاء حق، فكانت أجرة الاستيفاء على المستوفي، كما لو اشترى طعاماً وأراد نقله.. والأول أصح.

ومنهم من قال: تجب أجرة القصاص على المقتص منه، وأجرة الجلاد في بيت المال؛ لأن في القصاص: الجاني مأمور بالإقرار بالجناية ليقتص منه، فمؤنة التسليم عليه، وفي الحد: هو مأمور بالستر على نفسه.

فإن قال الجاني: أنا أقطع طرفي ولا أؤدي الأجرة.. ففيه وجهان، حكاهما ابن الصباغ:

أحدهما: تجب إجابته إلى ذلك؛ لأن المقصود قطع طرفه، فلا تلحقه رحمة في ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>