للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبيهم. ومحا اسمه من الخلافة، فقد عزل نفسه من الخلافة، يعنون اليوم الذي كتب فيه الكتاب بينه وبين أهل الشام، فكتب فيه: أمير المؤمنين، فقالوا: لو أقررنا بأنك أمير المؤمنين.. ما قاتلناك، فمحاه من الكتاب.

فقال ابن عبَّاس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: أما قولكم: إنه حكَّم في دين الله.. فقد حكَّم اللهُ في الدين، فقال الله تَعالَى: {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} [النساء: ٣٥] [النساء: ٣٥] . فحكَّم الله بين الزوجين. وقال الله تَعالَى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: ٩٥] [المائدة ٩٥] . فحكَّم الله في أرنب قيمتها درهم، فلأن يجوز أن يحكِّم في هذا الأمر العظيم بين المسلمين أولى.

وأمَّا قولكم: إنه قتل ولم يسب.. فأيكم كان يأخذ عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - في سهمه وقد قال الله تعالى: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: ٦] [الأحزاب: ٦] ، وإذا ثبت أن سبي عائشة لا يجوز.. كان غيرها من النساء مثلها.

وأمَّا قولكم: إنه محا اسمه من الخلافة، فقد عزل نفسه.. فغلطٌ؛ لـ: (أن النَّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - محا اسمه من النبوة) . وذلك: أنه «لما قاضَى سهيل بن عمرو يوم الحديبية.. كتب الكتاب: " هذا ما قاضَى به محمد رسول الله، سهيل بن عمرو "، فقال: لو اعترفنا بأنك رسول الله.. لما احتجت إلى كتاب، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للكاتب - وكان علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وأرضاه -: " امحُ رسول الله "، فلم يفعل، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أين رسول الله؟ "، فأراه إياه، فمحاه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بإصبعه» .

فرجع منهم أربعة آلاف، وقاتل الباقين.

<<  <  ج: ص:  >  >>