للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال أبُو إسحاق: لا يصح عقد الذمة حتى يشترط عليهم ذلك في العقد، فمتى ذكر في العقد، فخالفوا.. انتقضت ذمتهم، كما قلنا في التزام الجزية، والتزام أحكام الإسلام.

وقال أكثر أصحابنا: حكمه حكم الأشياء السبعة، لا يجب ذكره في العقد. فإن لم يشترط عليهم تركه في العقد.. لم تنتقض ذمتهم بفعله. وإن شرط عليهم تركه.. فهل تنتقض ذمتهم؟ على القولين أو على الوجهين؛ لأن في ذلك ضررا على المسلمين، فكان حكمه حكم الأشياء التي فيها ضرر عليهم.

وقال أبُو بكر الفارسي من أصحابنا: من سب رسول الله، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. وجب قتله حدا؛ لا لأنه انتقضت ذمته - ولم يذكر الشيخ أبُو حامد في " التعليق " غيره - ولـ: «أن النَّبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يؤمن ابن خطل والقينتين» ؛ لأنهم كانوا يسبونه. ورُوِي: أن رجلا قال لابن عمر: سمعت راهبا يشتم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: (لو سمعته.. لقتلته؛ إنا لم نعطه الأمان على هذا) .

والأول أصح؛ لأن ابن خطل والقينتين كانوا مشركين لا أمان لهم قبل هذا.

الضرب الخامس: أنا قد ذكرنا أنه لا يجوز إحداث كنيسة ولا بيعة في دار الإسلام، ولا يرفعون أصواتهم بالتوراة والإنجيل، ولا يضربون الناقوس، ولا يظهرون الخمر والخنزير، ولا يطيلون بناءهم فوق بناء المسلمين، ولا يتركون لبس الغيار والزنار.. فهذه الأشياء لا يجب ذكرها في العقد. فإن خالفوا وفعلوا شيئا منها.. لم تنتقض ذمتهم سواء شرطت عليهم في العقد أو لم تشرط.

واختلف أصحابنا في علته: فمنهم من قال: لأنه لا ضرر على المسلمين في ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>