للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا وفاق بيننا وبين أبي حَنِيفَة - ولمالك النِّصَاب أن يطالب السارق الثاني برده، وهل يجب عليه القطع؟ فيه وجهان:

أحدهما: يجب عليه القطع؛ لأنه سرق نصابا لا شبهة له فيه من حرز مثله، فوجب عليه القطع، كالسارق الأول.

والثاني: لا يجب عليه القطع، وهو الصحيح؛ لأن مالك النِّصَاب لم يرض بهذا الحرز حرزا لماله.

وإن غصب رجل من رجل نصابا وأحرزه في حرز مثله، فسرقه سارق من ذلك الحرز.. فإن الغاصب لا قطع عليه، وليس للغاصب مطالبة السارق برد العين المغصوبة إليه قبل أن يطالبه المالك برد النِّصَاب. وقال أبُو حَنِيفَة: (له المطالبة بذلك) .

دليلنا: أنه غير مالك للنصاب، فلم يكن له المطالبة برده إليه كالسارق.

إذا ثبت هذا: فللمالك مطالبة أيهما شاء برد النِّصَاب، وهل يجب القطع على السارق من الغاصب؟ على الوجهين.

وإن غصب رجل من رجل شيئا وأحرزه بحرز مثله، فنقب المغصوب منه حرز الغاصب، فإن أخذ مال نفسه لا غير.. فلا قطع عليه؛ لأنه يستحق أخذه.

وإن سرق معه نصابا من مال الغاصب.. نظرت: فإن كان المال المغصوب منه مخلوطا بمال الغاصب غير مميز عنه.. قال الشيخُ أبُو حامد، وابن الصبَّاغ، وأكثر أصحابنا: لم يجب القطع على المغصوب منه وجها واحداً؛ لأنه لا يمكنه أخذ مال نفسه إلا بأخذ مال الغاصب، وذلك شبهة له في سرقة مال الغاصب، فلم يجب عليه القطع. وإن كان مال الغاصب غير مختلط بمال المغصوب منه.. ففيه وجهان:

أحدهما: لا يجب عليه القطع؛ لأن له هتك الحرز لأخذ مال نفسه، فإذا أخذ مال الغاصب.. فقد أخذه من حرز مهتوك، فلم يجب عليه القطع.

<<  <  ج: ص:  >  >>