للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن أبي ليلى، وابن شبرمة، وأبو يوسف، وزفر، وأحمد، وإسحاق: (لا يلزمه القطع إلا بأن يقر بالسرقة مرتين) .

دليلنا: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من أتى من هذه القاذورات شيئا.. فليستتر بستر الله؛ فإن من أبدى لنا صفحته.. أقمنا عليه حد الله» ولم يفرق بين أن يقر مرة أو مرتين.

فإن رجع عن إقراره.. سقط عنه القطع. وبه قال أكثر أهل العلم.

وقال ابن أبي ليلى وداود: (لا يسقط عنه القطع) . وبه قال بعض أصحابنا؛ لأنه يتعلق به صيانة أموال الآدميين. والمذهب الأول؛ لما «رَوَى أبُو أمية المخزومي: أن النَّبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أتى بسارق، فاعترف بالسرقة ولم يوجد معه متاع، فقال له النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ما أخالك سرقت". فقال: بلى، فكرر عليه ذلك ثلاثا وهو يقول: بلى، ثم أمر بقطعه فقطع، ثم قال النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " تب إلى الله واستغفره" فقال: اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اللهم اغفر له وتب عليه» ، فلولا أن القطع يسقط بالرجوع.. لما عرض له النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالرجوع.

فإن قطعت بعض يده ثم رجع، فإن كانت يده إذا لم يتم قطعها رجي اندمالها ومنفعتها.. لم يجز قطعها. وإن كانت إذا لم يتم قطعها لا يرجى في تركها منفعة، بل يخشى ضررها.. فالسارق بالخيار: بين أن يقطعها ليستريح منها، وبين أن يتركها.

<<  <  ج: ص:  >  >>