للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنما يراد لزجر غيره، وذلك يحصل بصلبه بعد موته.

إذا ثبت أنه يصلب بعد موته.. قال الشافعيُّ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (فإنه يصلب على خشبة ثلاثة أيام، ثم ينزل ويغسل ويكفن ويصَلَّى عليه ويدفن في مقابر المسلمين؛ لأنه مسلم قتل بحق، فهو كالمقتول في القصاص) . قال: القاضي أبُو الطيب: قال الماسرجسي: إنما نص الشافعيُّ، على صلبه ثلاثا في البلاد الباردة أو البلاد المعتدلة، فأما في البلاد الحارة.. فإنه إذا خيف تغيره قبل الثلاث.. فإنه يحنط ليمكن غسله وتكفينه. وقال أبُو عليّ ابن أبي هُرَيرَة: يصلب حتى يسيل صديده، ولا يحنط أبدا. وليس بشيء؛ لأن هذا يؤدي إلى إبطال وجوب غسله وتكفينه ودفنه.

هذا نقل أصحابنا البغداديين، وقال الخراسانيون: يصلب ثلاثا، وهل ينزل بعد الثلاث إن لم يسل صديده؟ فيه قولان:

أحدهما: لا ينزل حتى يسيل صديده؛ لأن الصلب إنما يسمى صلبا بسيلان صديد المصلوب، وهو الودك، فما لم يتغير لا يذوب صديده.

والثاني: ينزل بعد الثلاث؛ لئلا يتغير فيتأذى به الناس. فإذا قلنا بهذا: فخيف تغيره قبل الثلاث.. فهل ينزل؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا ينزل؛ لأن التنكيل لا يحصل بدون الثلاث.

والثاني: ينزل؛ لأنا إنما ننزله بعد الثلاث حتى لا يتغير على الصليب، فإذا خيف ذلك قبل الثلاث.. أنزل.

وإن مات قبل أن يقتل.. فهل يجب صلبه بعد موته؟ فيه وجهان، حكاهما الشيخ أبُو إسحاق:

أحدهما - وهو قول الشيخ أبي حامد: أنه لا يصلب؛ لأن الصلب صفة للقتل وتابع له، وقد سقط القتل بالموت فسقط الصلب.

<<  <  ج: ص:  >  >>