للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشيخ أبو إسحاق: وإن ملك رجل أخاه، ثم أقر في مرض موته: أنه كان أعتقه في صحته وهو أقرب عصبته.. نفذ عتقه، وهل يرث؟

فإن قلنا: الإقرار للوارث لا يصح.. لم يرثه؛ لأن توريثه يوجب إبطال الإقرار بحريته، وإذا بطلت الحرية.. سقط الإرث، فتثبت الحرية وسقط الإرث.

وإن قلنا: الإقرار للوارث يصح.. نفذ العتق بإقراره، وثبت الإرث بنسبه.

فإن أقر المريض: أنه أعتق عبدا في صحته، وكان عليه دين يستغرق تركته.. صح إقراره وحكم بعتقه؛ لأن الإقرار ليس بإيقاع للعتق، وإنما هو إخبار بما تقدم وقوعه.

[مسألة إقرار من ثبت له الحق الذي أقر به إذا لم يكذبه المقر له]

مسألة: [صحة إقرار من ثبت له الحق الذي أقر به إذا لم يكذبه المقر له] :

يصح الإقرار لكل من ثبت له الحق المقر به، فإذا أقر رجل لحر بحق في ذمته أو في يده أو في بدنه.. صح إقراره، ولا نعتبر فيه قبول المقر له، وإنما يعتبر فيه تصديقه له أو سكوته، فإن كذبه المقر له.. بطل إقراره.

فإن كان المقر به دينا في ذمته أو حقا في يديه، وكذبه المقر له.. لم يلزم المقر شيء. وإن كان المقر به عينا.. ففيه وجهان.

أحدهما: يأخذها الحاكم من المقر إلى أن يأتي من يدعيها ويقيم عليها البينة؛ لأن المقر والمقر له لا يدعيانها، فكان على الحاكم حفظها كالمال الضائع.

والثاني: يقر في يد المقر؛ لأنه محكوم له بملكها باليد، فإذا أقر بها لغيره وكذبه المقر له.. بقيت على ملكه بحكم اليد.

فإن أقرت المرأة لعبد بالنكاح، أو أقر له رجل بالقصاص أو تعزير القذف.. ثبت له ذلك بتصديقه، ولا يعتبر فيه تصديق السيد؛ لأن الحق للعبد في ذلك دون السيد.

وإن أقر له بمال.. فذكر الشيخ أبو إسحاق: إن قلنا: إنه يملك المال.. صح الإقرار له، وإن قلنا: لا يملك.. كان الإقرار لمولاه، يلزم بتصديقه ويبطل برده.

<<  <  ج: ص:  >  >>