للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثَّانِيَةَ عَشْرَ: قَالَ العسكري فِي الْأَوَائِلِ: أَوَّلُ مَنِ اتَّخَذَ أَلْسِنَةَ الْمَوَازِينِ مِنَ الْحَدِيدِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ.

[بَابُ الرَّهْنِ]

مَسْأَلَةٌ: رَجُلٌ رَهَنَ بَيْتًا فِيهِ مُطَلَّقَتُهُ الْمُعْتَدَّةُ، فَهَلْ يَصِحُّ الْقَبْضُ لَهُ عَنِ الرَّهْنِ وَهُوَ مَشْحُونٌ بِأَمْتِعَةِ مُطَلَّقَتِهِ؟ .

الْجَوَابُ: يَتَوَقَّفُ عَلَى مُقَدِّمَةٍ وَهِيَ أَنَّ الشَّيْخَيْنِ فِي الشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرَ وَالرَّوْضَةِ وَالْمِنْهَاجِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَبَّرَا فِي قَبْضِ الْعَقَارِ بِأَنْ قَالَا: يَحْصُلُ بِالتَّخْلِيَةِ وَالتَّمْكِينِ مِنْهُ بِشَرْطِ فَرَاغِهِ مِنْ أَمْتِعَةِ الْبَائِعِ، وَكَذَا عَبَّرَ الْبَغَوِيُّ فِي التَّهْذِيبِ، والقمولي فِي الْجَوَاهِرِ، فَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي لَفْظَةِ الْبَائِعِ هَلْ هِيَ قَيْدٌ أَوْ مِثَالٌ؟ فَقَالَ الإسنوي فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: خَرَجَ بِقَوْلِهِ: أَمْتِعَةُ الْبَائِعِ أَمْتِعَةُ الْمُشْتَرِي وَالْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْغَاصِبِ، ثُمَّ قَالَ: وَفِي هَذَا التَّعْمِيمِ نَظَرٌ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِذَلِكَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَنَقَلَ الشَّيْخُ ولي الدين العراقي هَذَا الْكَلَامَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ فِي النُّكَتِ، وَكَذَا قَالَ ابن الملقن: تَقْيِيدُهُ بِأَمْتِعَةِ الْبَائِعِ يُخْرِجُ مَا عَدَاهُ كَأَمْتِعَةِ الْمُشْتَرِي وَالْمُسْتَأْجِرِ، وَكَذَا ابن النقيب فِي نُكَتِهِ، وَأَمَّا السبكي فَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا بَلْ قَالَ عَقِبَ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ: فَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ التَّسْلِيمِ تَفْرِيغُهَا، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْغُنْيَةِ: ذِكْرُ الْبَائِعِ يُوهِمُ التَّقْيِيدَ بِهِ، وَأَمْتِعَةُ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ وَالْغَاصِبِ كَأَمْتِعَةِ الْبَائِعِ، أَمَّا لَوْ كَانَتْ مَشْغُولَةً بِأَمْتِعَةِ الْمُشْتَرِي فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّفْرِيغُ لِصِحَّةِ الْقَبْضِ، وَقَالَ فِي التَّوَسُّطِ: قَوْلُهُ بِأَمْتِعَةِ الْبَائِعِ مِثَالٌ ثُمَّ ذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ وَقَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ احْتَرَزَ بِأَمْتِعَةِ الْبَائِعِ عَنْ أَمْتِعَةِ الْمُشْتَرِي، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خَرَجَ عَلَى الْغَالِبِ وَلَا مَفْهُومَ لَهُ، وَأَغْرَبَ الإسنوي فَقَالَ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ يَخْرُجُ مَا عَدَاهُ، وَاغْتَرَّ بِهِ مَنْ شَرَحَ الْمِنْهَاجَ مِنْ أَصْحَابِهِ وَهَذَا تَخْلِيطٌ، وَلَمْ يَنْظُرْ قَوْلَهُ فِي السَّفِينَةِ مَشْحُونَةً بِالْقُمَاشِ وَهُوَ يَشْمَلُ قُمَاشَ الْبَائِعِ وَغَيْرَهُ - انْتَهَى، وَيُشِيرُ إِلَى ذَلِكَ قَوْلُ ابن المقري فِي مُخْتَصَرِ الرَّوْضَةِ: بِشَرْطِ فَرَاغِهِ مِنْ مَتَاعٍ فَنَكَّرَهُ لِيَعُمَّ مَتَاعَ الْبَائِعِ وَغَيْرَهُ، إِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَنَعُودُ إِلَى مَسْأَلَتِنَا فَالْقَبْضُ فِي الرَّهْنِ كَالْقَبْضِ فِي الْبَيْعِ، فَإِنْ كَانَ مَشْغُولًا بِأَمْتِعَةِ الرَّاهِنِ لَمْ يَصِحَّ بِلَا شَكٍّ أَوِ الْمُرْتَهِنِ صَحَّ بِلَا شَكٍّ أَوِ الْمُسْتَأْجِرِ وَنَحْوِهِ، فَعَلَى جَعْلِهِ قَيْدًا يَصِحُّ وَعَلَى جَعْلِهِ مِثَالًا لَا يَصِحُّ، وَأَمْتِعَةُ الْمُعْتَدَّةِ لَيْسَتْ كَالْمَالِكِ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَ ذَلِكَ بَلْ كَالْمُسْتَأْجِرِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِمْ فِي بَيْعِ الدَّارِ الْمُسْتَحَقَّةِ لِسُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ، وَالظَّاهِرُ فِي الْمُسْتَأْجِرِ وَنَحْوِهِ عَدَمُ الصِّحَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>