للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَدْخُلُ الرَّأْيُ فِي الْمَقَادِيرِ، ثُمَّ عِنْدَ بَعْضِهِمْ خَمْسُمِائَةٍ مِنَ الْجَوَانِبِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَالذِّرَاعُ هُوَ الْمُكَسَّرَةُ وَهُوَ سِتُّ قَبَضَاتٍ وَكَانَ ذِرَاعُ الْمَلِكِ سَبْعُ قَبَضَاتٍ فَكُسِرَ مِنْهُ قَبْضَتُهُ، ثُمَّ قَالَ: وَمَا تَرَكَ الْفُرَاتُ أَوْ دِجْلَةُ وَعَدَلَ عَنْهُ الْمَاءُ وَيَجُوزُ عَوْدُهُ إِلَيْهِ لَمْ يَجُزْ إِحْيَاؤُهُ لِحَاجَةِ النَّهْرِ إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: الْأَنْهَارُ ثَلَاثَةٌ: نَهْرٌ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لِأَحَدٍ وَلَمْ يَدْخُلْ مَاؤُهُ فِي الْمَقَاسِمِ بَعْدُ، كَالْفُرَاتِ، وَدِجْلَةَ، وَالنِّيلِ فَكَرْيُهُ عَلَى السُّلْطَانِ إِنِ احْتَاجَ إِلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ حَاجَةِ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَبَيْتُ الْمَالِ مُعَدٌّ لِلصَّرْفِ إِلَى مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ، فَلِلْإِمَامِ أَنْ يُجْبِرَ النَّاسَ عَلَى كَرْيِهِ؛ لِأَنَّهُ نُصِّبَ نَاظِرًا وَفِي تَرْكِهِ ضَرَرٌ عَامٌّ.

وَفِي خُلَاصَةِ الْفَتَاوِي: الْمِيَاهُ ثَلَاثَةٌ فِي نِهَايَةِ الْعُمُومِ، كَالْأَنْهَارِ الْعِظَامِ كَدِجْلَةَ، وَالْفُرَاتِ، وَجَيْحُونَ، وَسَيْحُونَ، وَهِيَ لَيْسَتْ مَمْلُوكَةً لِأَحَدٍ، وَلِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَسْتَقِيَ مِنْهَا وَيَسْقِيَ دَابَّتَهُ وَأَرْضَهُ وَيَشْرَبَ مِنْهُ وَيَتَوَضَّأَ بِهِ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ نَصْبُ الطَّاحُونَةِ وَالسَّانِيَةِ وَالدَّالِيَةِ وَاتِّخَاذُ الْمَشْرَعَةِ وَاتِّخَاذُ النَّهْرِ إِلَى أَرْضِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَضُرَّ بِالْعَامَّةِ، فَإِنْ أَضَرَّ مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَضُرَّ وَفَعَلَ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوِ امْرَأَةٍ أَوْ مُكَاتَبٍ مَنْعُهُ.

وَفِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: وَحَرِيمُ بِئْرِ النَّاضِحِ أَرْبَعُونَ، كَالْعَطَنِ وَقَالَا: سِتُّونَ، وَتُقَدَّرُ لِلْعَيْنِ خَمْسُمِائَةٍ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَيُمْنَعُ غَيْرُهُ مِنَ الْحَفْرِ فِيهِ وَيُلْحَقُ مَا امْتَنَعَ عَوْدُ دِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ إِلَيْهِ بِالْمَوَاتِ إِذَا لَمْ يَكُنْ حَرِيمًا لِعَامِرٍ، وَإِنْ جَازَ عَوْدُهُ لَمْ يَجُزْ إِحْيَاؤُهُ، قَالَ ابن فرشته فِي شَرْحِهِ: لِأَنَّ حَقَّ الْمُسْلِمِينَ قَائِمٌ لِجَوَازِ الْعَوْدِ وَكَوْنِهِ نَهْرًا، ثُمَّ قَالَ فِي الْمَجْمَعِ: وَالنَّهْرُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ لَا حَرِيمَ لَهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَقَالَا: لَهُ حَرِيمٌ بِقَدْرِ إِلْقَاءِ الطِّينِ وَنَحْوِهِ، وَقِيلَ هَذَا بِالِاتِّفَاقِ، قَالَ ابن فرشته: وَفِي الْمُحِيطِ قَالَ الْمُحَقِّقُونَ: لِلنَّهْرِ حَرِيمٌ بِقَدْرِ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ بِالِاتِّفَاقِ لِضَرُورَةِ الِاحْتِيَاجِ إِلَيْهِ، وَقَالَ شمس الدين محمد بن يوسف القونوي فِي دُرَرِ الْبِحَارِ: وَحَرِيمُ بِئْرِ النَّضْحِ أَرْبَعُونَ كَالْعَطَنِ، وَقَالَا: سِتُّونَ خَمْسُمِائَةٍ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَيُمْنَعُ غَيْرُهُ مِنْهُ، وَلَحِقَ بِالْمَوَاتِ مَا امْتَنَعَ عَوْدُ نَحْوِ دِجْلَةَ إِلَيْهِ، غَيْرَ الْحَرِيمِ، وَيُقَدَّرُ حَرِيمُ النَّهْرِ بِنِصْفِ النَّهْرِ مِنْ جَانِبَيْهِ لَا كُلِّهِ فِي وَجْهٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>